للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ التَّعزِيرِ (١)

التَّعزِيرُ فيمَا شُرِّعَ لَهُ التَّعزيرُ وَاجِبٌ، والذي شُرِّعَ لَهُ التَّعزيرُ هُوَ فِعلُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ لا حَدَّ فيها، ولا كفّارةَ، وَيَختَلِفُ مقدارُهُ باختلافِ أسبَابِهِ، فما كَانَ سَبَبُهُ الوطءَ غُلِّظَ، ولم يُبالِغْ بِهِ عَلَى الحُدودِ، مثلُ وطءِ الجاريةِ المشرِكَةِ يُضْرَبُ مِئَةً إلا سَوطانِ، ووطءِ جاريةِ امرأَتهِ إذا أباحَتْهَا لَهُ، ووطءِ المرأةِ دونَ الفَرجِ، ويَسقطُ النَّقيُ. نَصَّ عَلَيهِ، وكذلكَ إذا زَوَّجَ أمتَهُ، ثُمَّ وَطئَهَا، أو مَلَكَ أختَهُ مِنَ الرضَاعِ فَوَطِئَهَا، يُضَربُ مِئَةً نَصَّ عَلَيهِ.

وكذلكَ يخرجُ إذا أتى بهيمةً؛ فقلنا: أنَّه لايُحَدُّ، وقد نقلَ عَبْدُ اللهِ، وأبو طالبٍ، وابنُ منصورٍ، وأبو الحارثِ فيمن وَجَدَ مَعَ امرأةٍ رَجُلاً. قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: لا يُجلدُ مئةً إلا فِي حَدٍّ، وعليه تعزيرٌ، وكلُّ من لَمْ يكن عَلِيهِ حدٌّ قائمٌ بعينِهِ؛ فعليهِ تعزيرٌ، والتعزيرُ عشرُ جلداتٍ لحديثِ أبي بردة بن نيارٍ (٢)، وهذا يدلُّ عَلَى أنّه لا يزادُ فِي التعزيرِ عَلَى عشرِ جلداتٍ، والأولُ أشهرُ فِي المذهبِ، فأمّا مَا لَمْ يكنُ وَطئاً، كقُبْلةِ الأجنبيةِ، والخلوةِ معها، وشتمِ النَّاسِ، والجنايةِ عليهم بما لا يوجبُ القصاصَ والقذفِ بغير الزِّنا، واللواطِ، وشهادةِ الزورِ، وإذا سَرقَ نصاباً من غير حِرزٍ، وأقلَّ من نصابٍ من حرزٍ، وما أشبهَ ذَلِكَ؛ فإنّه لا يبلُغُ بِهِ أدنَى الحدودِ، وعنه أنّه يُجْلدُ عشرةً، وعنه: أنه يجلدُ تسعةً، وإنْ زادَ الإمامُ فِي الجلدِ سَوطاً، أو حَكَمَ بشهادةِ شهودٍ فبانوا أنَّهم /٣٨٩ و/ لَيسُوا من أهلِ الشَّهادةِ، أو أحَدَّ امرأةً، ولم يَعْلَمْ بحملِها، فألقَتْ جَنينَاً، وما أشبه ذَلِكَ مِنْ خَطأ الإمامِ فهل يكونُ ذَلِكَ عَلَى عاقِلَتِهِ، أم فِي بيت المالِ؟ عَلَى روايتينِ.

بَابُ الحدِّ فِي السَّرِقَةِ

إذا سَرَقَ المكلَّفُ نِصاباً من المالِ لا شبهةَ لَهُ فِيهِ من حرزٍ (٣) مثلهِ (٤)، وَجَبَ عَلِيهِ


(١) التعزير: - لغة مأخوذ من الفعل الثلاثي عَزَرَ، وعزرَّه: منعه ورده وأدبه. وشرعاً: هُوَ عقوبة غير مقدرة شرعاً، تجب حقاً لله، أو لآدمي فِي كل معصية لَيْسَ فيها حد ولا كفارة غالبا.
انظر المعجم الوسيط ٥٩٨ مادة (عزر)، الموسوعة الفقهية ١٢/ ٢٥٤.
(٢) ونص الحديث: ((لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله)).
أخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ١٠٧، وأحمد ٣/ ٤٦٦ و٤/ ٧٥، وعبد بن حميد (٣٦٦)، والدارمي (٢٣١٩)، والبخاري ٨/ ٢١٥، وأبو داود (٤٤٩١)، وابن ماجه (٢٦٠١)، والطحاوي في شرح المعاني ٣/ ١٦٤، وفي شرح مشكل الآثار (٢٤٤٣)، وابن حبان (٤٤٥٢) و (٤٤٥٣)، والطبراني في الكبير ٢٢/ (٥١٤) و (٥١٥) و (٥١٦)، والحاكم ٤/ ٣٨١ - ٣٨٢، والبغوي (٢٦٠٩).
(٣) فِي الأصل: ((حر)).
(٤) انظر: الروايتين والوجهين ١٧٨/ب و ١٧٩/أ، والهادي: ٢٣٤.

<<  <   >  >>