للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكُنْ قَاذِفَاً، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وكَذَلِكَ كُلُّ قَذْفٍ يَتَحَقَّقُ كَذِبُهُ فِيْهِ مِثْل أنْ يَقَذِفَ جَمَاعَةً لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ زَنَوا، فَإنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اقْذِفْنِي. فَقَذَفَهُ احْتَمَلَ وَجْهَينِ. أحَدُهُمَا يَكُونُ قَاذِفَاً. والثَّانِي: لا يَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبَاً لِلحَّدِ بَلْ يُعَزَّرُ. فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يا زَانِيَةُ فَقَالَتْ بَلْ زَنات (١) لَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً، فَإنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ: يا نِبْطِيُّ (٢)، يا فَارِسِيُّ، يا رُوْمِيُّ فَهَلْ يَكُونُ قَذْفَاً؟ عَلَى روايتين (٣). وإذا قَالَ لِوَلَدِهِ: لَسْتَ بِوَلَدِي. فَهَلْ هُوَ صَرِيْحٌ في القَذْفِ أمْ كِنَايَةٌ؟ عَلَى وَجْهَينِ (٤)، وإنْ قَالَ لأجْنَبِيٍّ: لَسْتَ بِوَلَدِ فُلانٍ. فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ ولَهُ المُطَالَبَةُ إنْ كَانَتْ أُمُهُ مَيتَةٌ (٥)، وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: قَذْفُ المَيِّتِ لا يُوجِبُ الحَدَّ (٦). فَإنْ قَالَ زَنَيْتِ أوْ أنْتِ صَغِيْرَةٌ، وفَسَّرَهُ بالصِّغَرِ الذِي لا يُجَامَعُ فِيْهِ لَمْ يَكُنْ قَاذِفَاً وعَلَيْهِ تَفْسِيْرُ السَّبِّ وإنْ فَسَّرَهُ بِصِغْرٍ يُجَامَعُ فِيْهِ كَتِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدَاً فَهُوَ قَاذِفٌ، فَإنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وأنْتِ نَصْرانِيَّةٌ أوْ أنْتِ أمَةٌ، ولَمْ يَثْبُتْ أنَّهَا كَانَتْ نَصْرانِيَّةً ولا أمَةً فَهُوَ قَاذِفٌ لِمُسلِمَةٍ حُرَّةٍ وإنْ ثَبَتَ أنَّهَا كَانَتْ أمَةً أوْ نَصْرَانِيَّةً إلا أنَّهَا قَالَتْ: أرَدْتَ قَذْفِي في هَذِهِ الَحالِ وأضَفْتَ إليَّ ذَلِكَ كَوْنِي نَصْرَانِيَّةً أمَةً، فَقَالَ: بَلْ أرَدْتُ أنَّكِ زَنَيْتِ في حَالِ كُفْرِكِ أوْ رِقِّكِ، فَقَالَ شَيْخُنَا: القَوْلُ قَولُهَا وَيلزِمُهُ مُوجبُ قَذْفِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ (٧)، وعِنْدِي أنَّ القَولَ قولُهُ ويَلزَمُهُ مُوجِبُ قَذْفِ أمَةٍ أوْ كَافِرَةٍ، فَإنْ قَالَ زَنَتْ يَدَاكِ ورِجْلاكِ، وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: يَكُونُ قَاذِفَاً، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ لا يَكُونُ قَاذِفَاً وَهُوَ الأقْوَى. /٣٣٤ ظ/

بَابٌ فِيْمَنْ يَصُحُّ لِعِانُهُ أوْ لا يَصُحُّ وصِفَةُ اللعَانِ

يَصُحُّ اللعَانُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ سَواءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَينِ، أوْ ذِمِّيينِ، أوْ رَقِيقَينِ، أوْ فَاسِقَينِ، أوْ مُسْلِمٌ وذِمِّيَّةٌ، أوْ حُرٌ وأمَةٌ، أوْ عَدْلٌ وفَاسِقَةٌ في أصَحِّ الرِّوايَتَينِ (٨) إلا أنَّهُ إنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ المُسلِمةَ لَزِمَهُ حَدُّ القَذْفِ وَلَهُ إسْقَاطُهُ عَنْهُ بالبَيِّنَةِ أوْ


(١) كذا في الأصل ويجوز أن تكون: "زنيت". وانظر: المغني ٩/ ٧٤.
(٢) النَبَط والنَبيط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين. انظر: الصحاح ٣/ ١١٦٢، ولسان العرب ٧/ ٤١١ "نبط"، وكشاف القناع ٦/ ١١١.
(٣) الأولى: ليس بقذف، ولا يجب عَلَيْهِ الحد وهي اختيار أبي بكر، وصححه أبانها مُحمَّد ابن قدامه في ... المغني. والثانية: هو قذف، وعليه الحد، وهي اختيار القاضي. انظر: المغني ١٠/ ٢١٥، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٥٦، وكشف القناع ٦/ ١١١، والكافي ٤/ ٢٢٠.
(٤) انظر: المبدع ٩/ ٩١، والإنصاف ١٠/ ٢١٢، وكشاف القناع ٦/ ١١٠.
(٥) وهو اختيار الخرقي. والكافي ٤/ ٢٢٦.
(٦) انظر: الكافي ٤/ ٢٢٦، وكشاف القناع ٦/ ١١٠.
(٧) انظر: المغني ١٠/ ٢٢٤، والكافي ٤/ ٢٢٩، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٥٧.
(٨) نقلها عَبْد الله وأبو طالب والميموني وابن منصور وابن القاسم وهي اختيار القاضي، والخرقي. =

<<  <   >  >>