للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ جِنَايَةِ الرَّهْنِ والجِنَايَةِ عَلَيْهِ

وإِذَا جَنَى العَبْدُ المَرْهُونُ عَمْداً فَلِوَلِيِّ الجِنَايَةِ أَنْ يَقْتَصَّ، وهَلْ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى مَالٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (١)، فَإِنْ قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ: ثَبَتَ المَالُ في رَقَبَةِ الجَانِي كَمَا يثَبتُ في جِنَايَة الخَطَأ / ١٥٦ ظ/ وعَمْدِ الخَطَأِ، والعَمْدِ المَحْضِ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ القِصَاصُ لَهُ، وَفِي جَمِيْعِ ذَلِكَ يَكُونُ السَّيِّدُ بالخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَبِيْعَهُ في الجِنَايَةِ أو يَدْفَعَهُ إلى وَلِيِّ الجِنَايَةِ فَيَمْلِكَهُ أَو يَفْدِيَهِ بالأَقَلِّ مِنْ قِيْمَتِهِ أَو أَرْشِ الجِنَايَةِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَفْدِيْهِ بِأَرْشِ الجِنَايَةِ أَو يُسَلِّمُهُ للبَيْعِ لا غَيْرُ. فَإِنْ سَلَّمَهُ في الجِنَايَةِ بَطُلَ الرَّهْنُ، وإِنْ فَدَاهُ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ هَذَا إِذَا كَانَ الأَرْشُ يَسْتَغْرِقُ قِيْمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ قِيْمَتَهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمِقْدَارِ الجِنَايَةِ، وبَقِيَّةُ الثَّمَنِ رَهْناً.

والثَّانِي: أَنَّهُ يُبَاعُ جَمِيْعُهُ فَيُعْطَى مِنْ ثَمَنِهِ أَرْشُ الجِنَايَةِ، وبَقِيَّةُ الثَّمَنِ رَهْناً.

فَإِنِ اخْتَارَ الرَّاهِنُ دَفْعَهُ في الجِنَايَةِ واخْتَارَ المُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بالأَقَلِّ مِنْ قِيْمَتِهِ أو أَرْشِ الجِنَايَةِ، فَإِذَا فْدَاهُ المُرْتَهِنُ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ رَجَعَ علَيْهِ، وإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ واعْتَقَدَ الرُّجُوعَ، فَهَلْ يَرْجِعْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٢) بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.

وإِذَا جَنَى عَلَى المَرْهُونِ فَالخَصْمُ فِي ذَلِكَ سَيِّدُهُ، فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَمَداً، فَاخْتَارَ السَّيِّدُ القِصَاصَ بِغَيْرِ رِضَا المُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اقْتَصَّ أَخَذَ مِنْهُ قِيْمَةَ الرَّهْنِ فَجُعِلَتْ مَكَانَهُ رَهْناً. وكَذلِكَ الحُكْمُ إِنْ قَتلَ سَيِّدُهُ فَاخْتَارَ الوَرَثَةُ القِصَاصَ، فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ عَنِ القِصَاصِ وقُلْنَا: الوَاجِبُ أَخْذُ شَيْئَيْنِ أُخِذَتِ القِيْمَةُ فَجُعِلَتْ مَكَانَهُ رَهْناً، وإِنْ قُلْنَا: الوَاجِبُ القِصَاصُ لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ غَرَامَةٌ تُجْعَلُ مَكَانَهُ، [وعِنْدِي: أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيْمَةٌ تُجْعَلُ مَكَانَهُ رَهْناً (٣)] (٤). فَإِنْ عَفَا عَنْ جِنَايَةِ الخَطَأ لَزِمَهُ القِيْمَةُ تُجْعَلُ مَكَانَهُ رَهْناً، فَإِنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ عَنِ المَرْهُونِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ، أَو أَنَّهُ كَانَ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ وصَدَّقَهُ وَلِيُّ الجِنَايَةِ وكَذَّبَهُ المُرْتَهِنُ قَبْلَ إِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ عَلَى المُرْتَهِنِ، وكَذلِكَ إن أَقْرَ أَنهُ غَصَبَهُ أَو بَاعَهُ ويُحْتَمَلُ أَنْ يَقْبَلَ إِقْرَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوْسِراً فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيْمَةُ الرَّهَنِ فَيُجْعَلُ مَكَانَهُ رَهْناً، وإِذَا وطِئَ المُرْتَهِنُ الجَارِيَةَ المَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وادَّعَى الجَهَالَةَ لَهُ سَقَطَ الحَدُّ والمَهْرُ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَلقَتْ [مِنْهُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ ولاَ يَلْزَمُهُ قِيْمَتُهُ،


(١) المغني ٤/ ٤١١.
(٢) المغني ٤/ ٤١٢.
(٣) المغني ٤/ ٤٢٢.
(٤) مَا بَيْنَ المعكوفتين مكرر.

<<  <   >  >>