للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِوُجُوبِ الغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ، والنِّفَاسِ، والوِلادَةِ، عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (١).

فأما الْمُغْمَى عَلَيْهِ والْمَجْنُونُ إذَا أفَاقَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا يلْزَمُهُمَا الغُسْلُ. والثَّانِي لا يلْزمهُمَا.

والصَّحِيْحُ أنَّهُ إنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ مِنْهُمَا الإْنْزَالُ، فَلا غُسْلَ عَلَيْهِمَا (٢).

وَمَنْ لَزِمَهُ الغُسْلُ حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءةُ آيَةٍ فَصَاعِداً. فَأَمَّا قِرَاءةُ بَعْضِ آيَةٍ، فَعَلَى رِوَايَتَينِ (٣). ولا يَحْرُمُ عَلَيْهِ العُبُورُ في الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اللَّبْثُ فِيهِ، إلاَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ.

بَابُ صِفَةِ الغُسْلِ

وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كَامِلٌ وَمُجْزِئٌ، فَالْكَامِلُ يَأْتِي فِيهِ بِعَشَرَةِ أشْيَاءَ: النِّيَّةِ، والتِّسْمِيَةِ، وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلاثاً، وَغَسْلِ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، والوُضُوءِ، وَأَنْ يُحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ يَرْوِي بِهَا أُصُوْلَ شَعْرِهِ، ويُفِيْضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثَلاثاً، وَيدلكُ بَدَنَهُ بِيَدِهِ، وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِ غُسْلِهِ فَيَغْسلُ قَدَمَيْهِ.

والْمُجْزئ: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ، وَيَنْوِي، ويُسَمِّي، ويعم بَدَنَهُ بِالغُسْلِ، وَبِأيِّ قَدرٍ مِنَ الْمَاءِ أَسْبغ، أَجْزَأَهُ، غَيْرَ أنَّ الْمُسْتَحَبَّ أنْ لا يَنْقُصَ في غُسْلِهِ مِنْ صَاعٍ، ولا في وُضُوئِهِ مِنْ مُدٍّ (٤).

وإذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي بِغُسْلِهِ الطَّهَارَتَيْنِ، أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا، في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى لا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِي بالوُضُوءِ، إِمَّا قَبْلَ الغُسْلِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ في ذَلِكَ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ الأَصْغَرُ؛ أَوْ لَمْ يُوْجَدْ مثلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَكَّرَ، أَوْ نَظَرَ، فانْتَقَلَ الْمَني، فإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ غُسْلٌ لالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وغسل للإنزال، أَوْ اجتمع عَلَى المرأة غسل حيض،


(١) الظاهر أن الوجهين يعودان عَلَى الولادة فَقَطْ، فإن ابن قدامة قَالَ في المغني ١/ ٢٠٨ - ٢٠٩: ((ولا خِلاَف في وجب الغسل بالحيض والنفاس ... فأما الولادة - إذَا عريت عن دم - فَلا يَجِبُ الغسل في ظاهر كلام الخرقي، وَقَالَ غيره: فِيْهَا وجهان)). وَقَالَ صاحب الشرح الكبير ١/ ٢٠٦ قَالَ: ((مسألة ((وَفِي الولادة وجهان)) يعني إذَا عريت من دمٍ)).
(٢) قَالَ في المغني ١/ ٢١١: ((ولا يَجِبُ الغسل عَلَى المجنون والمغمى عَلَيْهِ، إذَا أفاقا من غَيْر احتلام، ولا أعلم في هَذَا خلافاً ... ولأن زوال العقل في نَفْسه لَيْسَ بموجب للغسل، ووجود الإنزال مشكوك فِيهِ، فَلا نزول عَلَى اليقين بالشك، فإن تيقن مِنْهُمَا الإنزال، فَعَلِيْهِمَا الغُسْلُ، لأنه يَكُون من احتلام، فيدخل في جملة الموجبات المذكورة)).
(٣) الأولى يحرم والثانية لا يحرم، انظر: المحرر ١/ ٢٠.
(٤) لرواية صفية بنت شَيْبَة عن عائشة (رضي الله عَنْهَا)، وسالم بن أَبِي الجعد عن جابر: ((أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يغتسل بالصّاعِ ويَتَوضّأُ بالمُدِّ)).
حَدِيث عائشة أخرجه البُخَارِيّ في الغسل ١/ ٧٢ (٢٥١). وحديث جابر أخرجه البُخَارِيّ في الغسل ١/ ٧٢ (٢٥٢)، وَالنَّسَائِيّ ١/ ١٢٨.

<<  <   >  >>