للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ شَرَائِطِ النِّكَاحِ وأرْكَانِهِ

ومِنْ شَرْائطِ عَقْدِ النِّكَاحِ: الوَلِيُّ والشُّهُودُ والكَفَاءةُ والخُلُوُّ مِنَ المَوَانِعِ.

وأَرْكَانُهُ: الإِيْجَابُ والقَبُولُ.

فَأَمَّا الوِلاَيَةُ فَتُسْتَفَادُ بالأُبُوَّةِ والتَّعَصّيبِ والمِلْكِ والوَلاَءِ والسَّلْطَنَةِ والوَصِيَّةِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (١)، وفي الأُخْرَى: لاَ تُسْتَفَادُ وِلاَيَةُ النِّكَاحِ بالوَصِيَّةِ (٢). وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ لَهَا عُصْبَةٌ لَمْ تَصِحَّ الوَصِيَّةُ بِنِكاحِهَا، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَها عَصَبَةٌ صَحّتِ الوَصيّةُ بِهِ (٣).

فأمّا الأبُ فَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أوْلادِهِ الصِّغَارِ والمَجَانِينَ وبَنَاتِهِ الأبْكَارِ البُلَّغِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ. ونَقَلَ عَنْهُ ابنُهُ عَبْدُ اللهِ: إنَّ بِنْتَ تِسْعِ سِنينَ لا يُزَوِّجُها الأبُ ولا غَيرُهُ إلا بإذنها، ولا يَجُوزُ لَهُ تَزْويج الثَّيِّبِ المُكَلَّفَةِ إلاّ بإذنِهَا (٤). فأمّا الصَّغِيرَةُ الثَّيِّبُ فَعَلى وَجهَينِ (٥).

ولا فَرْقَ بينَ حُصُولِ الثُّيُوْبَةِ بِوَطءٍ مُبَاحٍ أو مُحَرّمٍ (٦)، فأمّا زَوَالُ البِكَارِةِ بِوَثْبَةٍ أو إصبعٍ فَلاَ تَتَغَيَّرُ صِفَةُ الإذْنِ. وإذْنُ البِكْرِ الصٌّماتُ، وإذْنُ الثَّيِّبِ النُّطْقُ.

وأمّا العَصَباتُ - كالجَدِّ والأُخْوَةِ والأعْمَامِ وبَنُوهمْ - فَلاَ يَملِكُونَ تَزْوِيجَ البُلَّغِ إلاَّ بإذنِهِنَّ، ولا يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ بِحَالٍ. ونَقَلَ عَنْهُ عبدُ اللهُ: إِذَا زُوِّجَتِ اليَتِيْمَةُ فَلَها الخَيارُ إِذَا بَلَغَتْ (٧). وهذه الرِّوَايَةُ تدُلُّ عَلَى صِحَّةِ تَزْوِيجِ العَصَبَاتِ لَها.

وأمّا الابنُ فَلَهُ تَزْوِيجُ أُمِّهِ بإذْنِهَا، فإنْ كَانَتْ مجْنُونَةً فلهُ تَزْوِيجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا شَهْوَةُ الرِّجَالِ. وَكَذَلِكَ بَقِيّةُ العَصَباتِ في حَقِّ المَجْنُونَةِ.

فأمّا المالِكُ فلهُ تَزْويجُ إمَائِهِ الأبْكَارِ والثُّيَّبِ بِغَيْرِ إذْنِهِنَّ، إلاّ المُكاتبةِ والمُعْتَقُ

بَعْضُهَا (٨). ولهُ تَزْوِيجُ عَبِيدِهِ الصِّغَارِ نَصَّ عَلَيْهِ (٩)، وليسَ لَهُ إجْبَارُ عَبِيدِهِ الكِبَارِ عَلَى النِّكَاحِ. ويُحْتَمَلُ أنْ لا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ أَيْضاً. فأمّا الأولى: فَحُكْمُهَا حُكْمُ العَصَباتِ.


(١) نقلها عَنْهُ إسماعيل بن إبراهيم والمروذي. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ١١٠/ب.
(٢) نقلها عَنْهُ ابن مَنْصُوْر وأبو الحارث واختارها أبو بكر. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ١١٠/ب.
(٣) انظر: الهادي: ١٥٧.
(٤) انظر: مسائل عَبْد الله ٣/ ١٠٢٣.
(٥) قَالَ أبو بكر في كتاب الخلاف: إنَّهُ يملك إجبارها وَقَالَ شَيْخُنَا أبو عَبْد الله وأبو عَبْد الله بن بطة
وأبو حفص بن المسلم لا يملك إجبارها. انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ١١١/أ.
(٦) أما الوطء المباح فَلاَ خلاف في أنها ثيب بِهِ، وأما الوطء بالزنا وذهاب البكارة بِهِ فالصحيح من المذهب أنَّهُ كالوطء المباح في اعتبار الكلام في إذنها. انظر: الإنصاف ٨/ ٦٤.
(٧) مسائل عَبْد الله ٣/ ١٠١٣.
(٨) انظر: الإنصاف ٨/ ٥٩.
(٩) انظر: الهادي: ٢٠٨.

<<  <   >  >>