للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولاَ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلاَةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتاً، فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ في أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ أو عَلَى القُعُودِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ وأَتَمَّ صَلاَتَهُ. فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ صَلَّى قَائِماً وَأَوْمَأَ بالرُّكُوْعِ وجَلَسَ فَأَوْمَأَ بالسُّجُوْدِ. فَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ، فَقَالَ ثِقَاتٌ مِن العُلَمَاءِ بالطِّبِّ: إنْ صَلَّيْتَ مُسْتَلْقِياً أَمْكَنَ مُدَاوَاتُكَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ (١).

ولاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ في السَّفِيْنَةِ (٢) جَالِساً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى القِيَامِ. وتَجُوزُ صَلاَةُ الفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ لأَجْلِ التَّأَذِّي بالمَطَرِ والوَحْلِ، وَهَلْ تَجُوْزُ الصَّلاَةُ عَلَيْهَا لأَجْلِ المَرَضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٣).

بَابُ صَلاَةِ المُسَافِرِ

وَإِذَا سَافَرَ سَفَراً يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخاً (٤) - ثَمَانِيَةً وأَرْبَعِيْنَ مِيْلاً بالهَاشِمِيِّ - في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَلَهُ أنْ يَقْصُرَ الرُّبَاعِيَّةَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أو خِيَامَ قَوْمِهِ. والقَصْرُ أَفْضَلُ مِنَ الإِتْمَامِ (٥).

وإِذَا كَانَ


(١) وَقَدْ نقل عَنْ بَعْض الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - المنع، من ذَلِكَ ما روي عَن ابن عَبَّاسٍ أنه لَمَّا كُفَّ بصره أتاه رجل فَقَالَ لَهُ: ((إنك إن صبرت لي سبعاً لَمْ تصلِّ إلا مستلقياً تومئ إيماءً داويتك فبرأت إن شاء الله تَعَالَى، فأرسل إلى عَائِشَة وأبي هُرَيْرَةَ وغيرهما من أصحاب مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - كلٌّ يَقُوْل: رأيت إن متَّ في هَذَا السبع كيف تصنع بالصلاة فترك عينه وَلَمْ يداوها)). أخرجه الحَاكِم ٣/ ٥٤٥، وبنحوه البيهقي ٢/ ٣٠٩.
(٢) الصَّلاَة في السفينة مَعَ القدرة عَلَى الخروج مختلف فِيْهَا فقد نقل عَبْد الله: إذا لَمْ يمكنهم الخروج صلوا في السفينة، فأما إن كَانَ يمكنهم الخروج خرجوا حَتَّى يصلون عَلَى الأرض، فظاهر هَذَا منع الصَّلاَة فِيْهَا؛ لأنها ليست حال استقرار أشبه الراحلة. ونقل أبو الحارث والأثرم وغيرهما جواز الصَّلاَة فِيْهَا مَعَ القدرة عَلَى الخروج؛ لأنَّهُ يتمكن في العادة من القيام والركوع والسجود فأشبه إذا كانت واقفة عَلَى الأرض. الروايتين والوجهين ٣٠ / أ.
(٣) انظر: الروايتين والوجهين ٣٠/ ب.
(٤) الفرسخ: ثلاثة أميال هاشمية. انظر: الصحاح ٥/ ١٨٢٣ (ميل)، وتاج العروس ٧/ ٣١٧ (فرسخ). وهذه المسألة موطن نزاع واختلاف بين الفقهاء، وقد أشبعها بحثاً محقق " التهذيب في الفقه الشافعي ". فانظره ٢/ ٢٨٩ فما بعدها.
والفرسخ يعادل (٥٥٤٠) متراً، وعليه فمسافة القصر (٨٨٦٤٠) متراً، أي: (٨٨. ٦٤) كيلو متراً. انظر: تعليق الأستاذ مُحَمَّد الخاروف على كتاب ابن رفعة "الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان": ٧٧.
(٥) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صدقة تصدّق الله بِهَا عليكم فاقبلوا صدقته)). والحديث أخرجه أحمد ١/ ٣٦، والدارمي (١٥١٣)، ومسلم ٢/ ١٤٣ (٦٨٦) (٤)، وأبو داود (١١٩٩)، وابن ماجه (١٠٦٥)، والترمذي (٣٠٣٤)، والبيهقي ٣/ ١٣٤، والنحاس في الناسخ والمنسوخ: ١٦١.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كَمَا يكره أن تؤتى =

<<  <   >  >>