للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (١)، والأُخْرَى: لَهُ رُكُوبُهُ حَتَّى تَنْقَضِي الحَرْبُ.

ومَنْ أَحْبَلَ جَارِيَةً في المَغْنَمِ، فَالوَلَدُ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ، وعَلَيْهِ قِيْمَةُ الجَارِيَةِ ومَهْرُهَا يُرَدُّ في المَغْنَمِ وتَصِيْرُ أُمَّ وَلَدِهِ (٢). وإِذَا كَانَ في السَّبَايَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ نَصِيْبَهُ وقَوَّمَ البَاقِيَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوْسِراً، وكَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ عَبْداً مِنَ الغَنِيْمَةِ وَقَعَ فِي حَقِّهِ وَقَوَّمَ عَلَيْهِ بَاقِيَهُ وعَتَقَ ووَلاَؤُهُ لَهُ. والغَالُّ (٣) مِنَ الغَنِيْمَةِ تُحْرَقُ رَحْلِهِ إِلاَّ الحَيَوَانَ والسِّلاَحَ والمُصْحَفَ (٤)، ومَا أَخَذَهُ مِنَ الفِدْيَةِ أو أَهْدَاهُ المُشْرِكُونَ لأَمِيْرِ الجَيْشِ أَو لِبَعْضِ قُوَّادِهِ فَهُوَ غَنِيْمَةٌ.

بَابُ حُكْمِ الأَرَضِيْنَ المَغْنُومَةِ

مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ مِنْ أَرَاضِي المُشْرِكِيْنَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ مِنْهَا:

- مَا فُتِحَ عَنْوَةً: وَهِيَ مَا أُجْلِيَ أَهْلُهَا عَنْهَا بالسَّيْفِ، فَفِيْهَا ثَلاَثُ رِوَايَاتٍ (٥):

أَحَدُهَا: يَكُوْنَ غَنِيْمَةً تُقَسَّمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الأَمْوَالِ المَنْقُولَةِ.

والثَّانِي: يُخَيَّرُ الإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الغَانِمِيْنَ، وبَيْنَ وَقْفِهَا عَلَى المُسْلِمِيْنَ.

والثَّالِثَةُ: تَصِيْرُ وَقْفاً عَلَى المُسْلِمِيْنَ بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قَسَّمَهَا بَيْنَ الغَانِمِيْنَ فَلاَ خَرَاجَ عَلَيْهَا، وإِنْ صَارَتْ وَقْفاً بالاسْتِيْلاَءِ أو بِالإيقَاف فَلاَ يَجُوْزُ بَيْعُهَا ولاَ رَهْنُهَا ولاَ هِبَتُهَا، ويَضْرِبُ الإِمَامُ عَلَيْهَا خَرَاجاً يُؤْخَذُ مِمَّنْ جُعِلَتْ في يَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ أو مُعَاهِدٍ ومَا كَانَ فِيْهَا مِنْ نَخِيْلٍ أو أَشْجَارٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا ولاَ عُشْرَ في ثَمَرِهِ ومَا اسْتُوْقِفَ فِيْهَا مِنْ غِرَاسٍ أو زَرْعٍ ففي ثَمَرِهِ وحُبُوْبِهِ العُشْرُ مَعَ الخَرَاجِ.

- ومِنْهَا مَا انْجَلَى أَهْلُهَا عَنْهَا خَوْفاً فَيَكُونُ وَقْفاً بِنَفْسِ الاسْتِيْلاَءِ، وَقِيْلَ: لاَ تَصِيْرُ وَقْفاً


(١) الروايتين والوجهين ١٨٧/ أ.
(٢) قَالَ المرداوي في الإنصاف ٤/ ١٨٣: هَذَا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وقدمه في المغني والشرح، والزركشي وغيرهم.
وَقَالَ القاضي: يسقط عنه من المهر بقدر حصته كالجارية المشتركة، ورده المصنف والشارح.
(٣) الغال: هو الذي يكتم ما يأخذه من الغنيمة ولا يطلع عليه الإمام، وهو محرّم بلا ريب. انظر: شرح الزركشي ٤/ ١٩١، وحكمه: أنه يحرق رحله.
(٤) سواء كَانَ ذكراً أو أنثى، مسلماً أو ذمياً، وكذا نفقته، يعني: يجب حرق ذلك، وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وهو من مفردات المذهب وَلَمْ يستثنِ الخرقي والآجري من التحريق إلا المصحف والدابة، وَقَالَ: هو قول أحمد. واختاره الشيخ تقي الدين، وبعض الأصحاب المتأخرين: أن تحريق رحل الغال من باب التعزير لا الحد، فيجتهد الإمام بحسب المصلحة. قَالَ في الفروع: وهذا أظهر. قَالَ المرداوي: قلت: وهو الصواب. انظر: الإنصاف ٤/ ١٨٥.
(٥) انظر: الإنصاف ٤/ ١٩٠ - ١٩١.

<<  <   >  >>