للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوَجْهَيْنِ (١)، ويُسْهَمُ لَهُ في الآخَرِ. ومَنْ غَصَبَ فَرَساً فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَسَهْمُ الفَرَسِ لِمَالِكِهِ.

ومَنْ دَخَلَ دَارَ الحَرْبِ فَمَرِضَ مَرَضاً لاَ يَسْتَطِيْعُ مَعَهُ القِتَالَ حَتَّى قُضِيَتِ الحَرْبُ فَلاَ سَهْمَ لَهُ. وكَذَلِكَ مَنِ اسْتُؤْجِرَ للجِهَادِ مِمَّنْ لا يَلْزَمُهُ الجِهَادُ كَالكَافِرِ والعَبْدِ لاَ يَسْتَحِقُّ غَيْرَ الأُجْرَةِ. ومَنْ مَاتَ بَعْدَ قَضْاء (٢) الحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَرَثَتِهِ ويَرُدُّ الجَيْشَ على سَرَايَاهُ إِذَا غَنِمَ وَلَمْ تَغْنَمِ السَّرَايَا، وكَذَلِكَ يَرُدُّ السَّرَايَا عَلَى الجَيْشِ ولاَ يَرُدُّ أَحَدَ الجَيْشَيْنِ مِمَّا غَنِمَ عَلَى الآخَرِ، وإِذَا قُسِّمَتِ الغَنَائِمُ في دَارِ الحَرْبِ جَازَ للمُسْلِمِيْنَ بَيْعُهَا بَعْضُهمْ مِنْ بَعْضٍ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا الكُفَّارُ بَعْدَ لُزُومِ البَيْعِ فَأَخَذُوْهَا فَهُوَ مِنْ مَالِ المُشْتَرِي في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٣)، وَهِيَ اخْتِيَارُ الخلاَلِ وصَاحِبِهُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وفي الأُخْرَى: هِيَ مِنْ ضَمَانِ البَائِعِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ (٤)، وهَلْ يَمْلِكُونَ (٥) المُشْرِكُونَ أَمْوَالَ المُسْلِمِيْنَ بالقَهْرِ؟ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ -: أنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُوهَا؛ لأنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ كَلاَمُهُ: أنَّهُ إِذَا عَادَ المُسْلِمُونَ فَقَهَرُوهُمْ وأَخَذُوهَا فَوَجَدَهَا صَاحِبُهَا قَبْلَ القِسْمَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُمْ آحَادَ المُسْلِمِيْنَ بِسَرِقَةٍ أَو هِبَةٍ، كَانَ صَاحِبُهُ أَحَقَّ بِهِ بِغَيْرِ شَيءٍ وَلَوْ كَانَ الكُفَّارُ قَدْ مَلَكُوهَا لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ المُشْرِكِيْنَ وأُصُوْلِهِ يَقْتَضِي هَذَا؛ لأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ لاَ يُفِيْدُ مَقْصُودَهُ عِنْدَهُ. وَقَالَ شَيْخُنا: يَمْلِكُونَهَا، وذَكَرَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللهُ - نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ (٦)، وأَشَارَ إِلَى قَوْلِ أَحْمَدَ فِيْمَا أدْرَكَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ القِسْمَةِ لاَ حَقَّ لَهُ فِيْهِ، وهَذَا يَحْتَمِلَ أَنَّ الإِمَامَ إذَا قَسَّمَ لاَ يُنْقَضُّ حُكْمُهُ وقِسْمَتُهُ؛ لأنَّهَا مَسْأَلَةٌ يُسَوَّغُ فِيْهَا الاجْتِهَادُ، ويُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ مِنَ المَلَكِ؛ فَتُخَرَّجُ المَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ، وكُلُّ مَا أُخِذَ مِنْ مُبَاحَاتِ دَارِ الحَرْبِ مِمَّا لَهُ قِيْمَةٌ كَالخَشَبِ والدَّارَصِيْنِي والصَّمْغِ والصّيُودِ فَهُوَ غَنِيْمَةٌ لاَ يَنْفَرِدُ بِهِ آخِذُهُ. ومَا أُخِذَ [مِنَ الطَّعَامِ] (٧)

/١١٩ و/ والعَلَفِ فَلآخِذِهِ أَكْلُهُ، وأَنْ يَعْلِف دَوَابَّهُ بِغَيْرِ إِذْنٍ الإِمَامِ. ومَا أُخِذَ مِنَ السِّلاَحِ فَلآخِذِهِ أَنْ يُقَاتِلَ بِهِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، فَإِذَا انْقَضَت (٨) الحَرْبُ رَدَّهُ إِلَى المَغْنَمِ، فَأمَّا الفَرسُ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهُ


(١) الروايتين والوجهين ١٨٥/ ب.
(٢) فِي المخطوط: ((تقضي)) وإنما أثبتناه ((قضاء)) حَتَّى يستقيم النص.
(٣) الروايتين والوجهين ١٨٥/ ب.
(٤) انظر: المغني ١٠/ ٤٦٠.
(٥) هكذا في الأصل، ولعلها عَلَى لغة: ((أكلوني البراغيث)) وهذا قَوْل لبَعْض العرب. انظر: سر صناعة الإعراب ٢/ ٦٢٩، وشرح شذور الذهب ١/ ٢٢٨، وشرح ابن عقيل ١/ ١٩٩.
(٦) انظر: شرح الزركشي ٤/ ١٦٩.
(٧) ما بين المعكوفتين كررت في الأصل.
(٨) فِي الأصل: انقضى.

<<  <   >  >>