للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا ادَّعُوا شُبهةً بأنْ قَالوا: ظَنَنا أنَّ كُلَّ طَائِفةٍ مِنَ المُسلِمينَ إذا استَعانُوا بِنَا لَزِمَنا مَعونَتَهُم، وَمَا عَلِمنَا أنَّهُم أهلُ العَدلِ، والبَاغِي إذا قَتَلَ مَورُوثَه العَادِل لَمْ يرِثْهُ. فإنْ قَتلَ العَادلُ البَاغِيَ فَهلْ يَرِثُهُ أم لا؟ عَلَى رِوايَتَينِ:

فإنْ أظهرَ قومٌ رأيَ الخَوارجِ ولَمْ يَجتَمعوا لِحَربٍ لَمْ يَتعرضْ لهم بقتَالٍ، وَكانَ حُكمُهم حُكمَ أهلِ العَدلِ فِيما لَهُم وَعَليهِم، وإنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ الإمَامِ عَزَّرهُم، وإن أتوا بما يُوجِبُ حَدَّاً أقامَهُ عليهِم، وإذا أقتَتلَ طَائفتَانِ لِطَلبِ رِئاسَةٍ أو عَصَبيةٍ /٣٩٧ و/ فَمالها بحاله وإنَّ لُكلِّ وَاحِدَةٍ مِنهُما ما أتلفَتْ عَلَى الأخرَى مِن نَفسٍ ومَالٍ، ومَنْ قَصَدَ نَفسَ رَجلٍ أو حُرمَتُه أو مَالَهُ فَلهُ دفعُهُ بأسهَلِ ما يُمكِنُ، فأنْ زَالَ إلى قَتلِهِ فَلا ضَمانَ عَليهِ. وَهلْ يَجِبُ عَليهِ دَفعُهُ؟ يحتَمِلُ وَجهَينِ، وإذا قَتَل إنسَاناً وادَّعا أنَّه دَخَلَ لِيسرُقَ مَالَهُ أو لِيقتُلهُ ولَم يَدفَعْ إلا بِقَتلِهِ، فإنْ كَانَ لَهُ بِينَةٌ بِما قَالَ، وإلا فَعَليهِ القِصاصُ.

كتاب المرتدِّ (١) والزنديقِ (٢) والساحرِ

تَصِحُّ ردَّةُ البَالِغِ العَاقلِ المُختارِ، ولا تَصحُّ ردَّةُ الصَّبِي غَيرِ المُميزِ وَالمَعتُوهِ والمُكرهِ، فأمَّا الصَبيُ المُميزِ فَهلْ نَردُّهُ أم لا؟ عَلَى رِوايَتَينِ (٣)، وأمَّا السَّكرانُ فَتصِحُّ رِدَّتُه في أظهَرِ الرِوايتَينِ. أجَازَهَا عَامَّةُ شيوخِنا، ولا تَصحُّ رِدَّتُهُ في الأخرَى (٤)، وَيجبُ استِتَابَةُ المُرتَدِّ، وتَأجِيلِهِ بَعدَ الاستِتَابَةِ بِثَلاثَةِ أيَّامٍ في إحدى الرِوايَتينِ (٥)، وفي الأخرَى لا يَجبُ


(١) المرتد: لغة الراجع. شرعا: الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر.
انظر: المغني ١٠/ ٧٤، وشرح الزركشي ٤/ ٥.
(٢) الزنديق: هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام، وهي نسبة إلى الزند (كتاب المجوس).
انظر: شرح الزركشي ٤/ ١٣، والمعجم الوسيط: ٤٠٣، ومعجم متن اللغة ٣/ ٦٥.
(٣) انظر: شرح الزركشي ٤/ ١٥، والإنصاف ١٠/ ٣٢٩، والفروع٦/ ١٢٦، ودليل الطالب: ٣١٨.
(٤) لأن ذلك يتعلق بالاعتقاد والقصد، والسكران لا يصح عقده ولا قصده، فأشبه المعتوه؛ ولانه زائل العقل فلم تصح ردته كالنائم ولانه غير مكلف فلم تصح ردته كالمجنون، والدليل على أنه غير مكلف أن العقل شرط في التكليف وهو معدوم في حقه ولهذا لم تصح استتابته. المغني ١٠/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٥) نقلها عنه عبد الله، وحنبل، وإسحاق بن منصور، وأبو طالب.
انظر: مسائل عبد الله بن الإمام أحمد٣/ ١٢٩ (١٧٩١)، أحكام أهل الملل: ٤١٦ - ٤١٧ (١٢٠١ - ١٢٠٣)

<<  <   >  >>