للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتأويلٍ محتمَلٍ فَهُم بُغَاةٌ، وعلى الإمامِ أن يراسِلَهُم ويسألَهم ما يَبغونَ مِنْهُ، فان ذكروا مظلمةً أزالَها، وان ذكروا شبهةً كَشَفَها وبَيَّنَ لهمُ الحقَّ فيها. وإن أبوا قبولَ الحقِّ وَعَظَهُم، فإنْ أصَرُّوا خَوَّفَهم بالقتالِ، فإن لحوا قاتلَهم، فان استنظروا مُدةً ليتفكَّروا فإن رَجَا رجوعَهم أنظَرَهُم، وإنْ خَافَ اجتماعَهُم على حَربِهِ لم ينظِرْهُم ويقاتلُهم حتى يفيؤا إلى اللهِ تعالى والدخول /٣٩٦ ظ/ في الجماعةِ. ولا يستعينُ على حربِهِم بالكفارِ. وهل يستعينُ بسلاحِ أهلِ البغي وكراعِهِم (١) على حربهم أم لا؟ يَحتَمِلُ وجهينِ (٢)، ولا يتبعُ مُدبرَهم ولا يُجبروا على حَربِهِم، وإذا أسرَ مِنْهُم حَبَسَهُ حتى يقضِيَ حربَهم ويُطلقه، ولا يَغنمُ أموالَهم، ولا يَسبِي ذَرارِيَّهُم، وأذا أسَرَ مِنهُم امرأةً أو صَبياً خَلاَهُ، في أحَدِ الوجهَينِ. وفي الآخَرِ: - يحبِسُه (٣). ولا يقاتِلُهم بما يعَمُّ إتلافُهُ كالنَّارِ والمنجَنيقِ إلاَّ لِضَرورَةٍ، وما أتلفَه أهلُ العدلِ على أهلِ البَغي في حَالِ القِتالِ غَيرُ مَضمونٍ.

وَهلْ يَضمنُ ما أتلفَهُ أهلُ البَغيِ على أهلِ العَدلِ أم لا؟ على روايتَينِ (٤)، وَما أتلَفوهُ في غَيرِ حَالِ الحَربِ بَعضُهم على بَعضٍ فَهو مَضمونٌ، وَمَن وَجَدَ مَالَهُ في يَدِ الآخَرِ فله أخذُهُ ويَنفذُ مِن قَضاياهُم ما يَنفذُ مِن قَضايا أهلِ العَدلِ، وتُقبلُ شَهاداتُهُم ما أخَذوهُ مِن زَكاةٍ وأجِزيةِ اعتدَّ بِهِ، وَمَن ادّعى دَفعَ الزَّكاةَ إليهِم قُبِلَ مِنهُ، وإنِ إدَّعى ذِميٌّ دفعَ جِزيَتِهِ إليهِم لَمْ تُقبلْ إلا بِبَينةٍ (٥). وإنِ ادَّعى مَن عَليهِ الخراجُ دَفَعهُ إليهِم فَهلْ تُقبلُ بِغيرِ بَينةٍ أمْ لا؟ عَلَى وَجهَينِ (٦)، وإذا استَعانوا عَلَى قِتالِ أهلِ العدلِ بأهلِ الحَربِ وأعطَوهُم الأمانَ لَمْ يَصُحَّ أمانُهم وَجازَ لَنا قَتلُهم وسَبِي ذَرارِيهِم، واستغنامُ أموالِهِم، وإنِ استَعانُوا بِأهلِ الذِّمةِ فَقاتَلوا مَعهُم طَوعاً مَعَ عِلمِهم بأنَّ ذَلِكَ لا يَجوزُ فَقَد نَقَضوا العَهدَ، وهم كَأهلِ الحَربِ.


(١) أي الخيل والسلاح. المعجم الوسيط: ٧٨٣.
(٢) الأول: لا يجوز؛ لأنه لا يحل أخذ مالهم لكونه معصوما بالإسلام، وانما أبيح قتالهم لردهم إلى الطاعة يبقى المال على العصمة كمال قاطع الطريق الا أن تدعو ضرورة فيجوز كما يجوز أكل مال الغير في المخمصة.
والوجه الثاني: يجوز قياسا على أسلحة الكفار. الشرح الكبير ١٠/ ٥٨، والأنصاف ١٠/ ٣١٤.
(٣) لأن فيه كسر البغاة. الشرح الكبير ١٠/ ٦٠ وقال المرداوي في الإنصاف ١٠/ ٣١٥: ((الصواب النظر إلى ما هو أصلح من الإمساك والإرسال)).
(٤) انظر: المغني ١٠/ ٦١، والإنصاف ١٠/ ٣١٥.
(٥) أما إذا كان بغير بينة ففيه وجهان: الأول: لا يقبل قوله. وهو المذهب. الثاني: يقبل قوله مع يمينه.
الإنصاف ١٠/ ٣١١.
(٦) الأول: لا يقبل. الثاني: يقبل مع يمينه. انظر: المحرر ٢/ ١٦٦، والإنصاف ١٠/ ٣١٨.

<<  <   >  >>