للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ الحَاكِمُ المعزُولَ حَكَمَ لَهُ عَلَى خَصْمٍ عَيَّنهُ بكَذا، فأَنكَرَ الخَصْمُ ذَلِكَ وَلا بينةَ لَهُ سُئِلَ الحَاكِمُ فإنْ قَالَ: كُنتُ حكَمتُ لَهُ في حَالِ ولاِيَتي في ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَهمَاً في خَبرهِ ذَكَرهُ الخِرَقيّ (١)، وَيحتمِلُ أنْ لا يُقبَلَ قَولُه لأَنَّهُ في حَالِ ولايتِهِ لا يَجوزُ لَهُ الحُكمُ بِعلمِهِ فَبعدَ عَزلِهِ أَولى. وَإِذَا مَاتَ المولِّي لَمْ تَبطُلِ ولايةُ المولّى في أَحَدِ الوَجهيَنِ (٢)، وتبطُلُ في الأخرَى، فَإنْ عَزَلهُ الإِمَامُ مَعَ

صَلاحِهِ لِلقضَاءِ فَهلْ ينعَزِلُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٣)، فَإنْ قلنا ينعَزِلُ قَبْلَ أنْ يعلمَ بالعَزلِ عَلَى وَجْهَيْنِ أصلُهُما الوَكيلُ هَلْ يَنعزِلُ قَبْلَ العِلْمِ (٤).

بابُ طَريقِ الحُكمِ وصِفَتِهِ

لا تَخْتَلِفُ المذاهِبُ أَنَّهُ يَجوزُ للحَاكِمِ أنْ يَحكُمَ بِالبينَةِ وبِالإقرَارِ في مَجلِسِهِ إِذَا سَمعَهُ مَعَهُ أحَد أو سَمعَهُ مَعَهُ شَاهِدٌ واحِدٌ فَنصَّ أَحمدُ في رِوَايَةِ حَربٍ أَنَّهُ يَحكمُ بهِ (٥)، وَقَالَ شَيْخُنَا: لا يَحكُمُ حَتَّى يَشهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ (٦)، فأمّا مَا يَعلَمُهُ في غَيْرِ مَجلِسهِ برُؤيةٍ أو سَمَاعٍ أو غَيْرِ ذَلِكَ فهلْ يجوزُ أنْ يَحكُمَ فِيهِ بِعلمِهِ أمْ لا؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ (٧).

إحداهُما: لا يَحكُمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ في حَدٍّ أو قِصَاصٍ أو غَيرِهِمَا مِنَ الحقُوقِ وَهُوَ اختِيارُ عامَّةِ شيوخِنَا.

وَالثَّانيةُ: يَحكُمُ بِهِ، قَالَ في رِوَايَةِ أَبي طَالِبٍ في الأَمَةِ إذَا زَنَتْ يُقيمُ مولاهَا الحَدَّ إذَا


(١) هَذَا منصوص عن أحمد، وبه جزم الْقَاضِي في جامعه، وأبو الخطاب في خلافه، وابن عقيل في تذكرته، وغيرهم. شرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٤٦١، وانظر: المغني ١١/ ٤٧٧ - ٤٧٨.
(٢) انفرد أبو الخطاب في حكاية الوَجْهَيْنِ في حِيْنَ حكى صاحب المغني ١١/ ٤٧٩، وجهاً واحداً وَهُوَ أنه لَمْ ينعزل، لأن الخلفاء - رضي الله عنهم - وَلَّوْ حكاماً في زمنهم فلم ينعزلوا بموتهم ولأن في عزله بموت الإِمَام ضرراً عَلَى المسلمين، فإن البلدان تتعطل من الحكام وتقف أحكام الناس إلى أن يولي الإِمَام الثَّانِي حاكماً جديد وفيه ضرر عظيم. وانظر: ١١/ ٣٨٣ من المغني.
وذكر صاحب الكافي حكاية الوَجْهَيْنِ. انظر: الكافي ٤/ ٤٣٨ - ٤٣٩.
(٣) انظر: المغني ١١/ ٤٧٩، والكافي ٤/ ٤٣٨ - ٤٣٩، والشرح الكبير ١١/ ٣٨٣.
(٤) ينعزل سَوَاء علم أم لَمْ يعلم، وَهُوَ ظاهر كلام الخرقي، والثانية: لا ينعزل قَبْلَ علمه نَصَّ عَلَيْهِ أحمد في رِوَايَة جَعْفَر بن مُحَمَّد. المغني ٥/ ٢٤٢ - ٢٤٣. وانظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوَجْهَيْنِ ٨٠/ب، والشرح الكبير ٥/ ٢١٨، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٣٠.
(٥) انظر: المغني ١١/ ٤٠٣، والمحرر ٢/ ٢٠٦، وكشاف القناع ٦/ ٣٢٩.
(٦) انظر: المغني ١١/ ٤٠٣، والمحرر ٢/ ٢٠٦، والشرح الكبير ١١/ ٤٢٤ وشرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٤٤٧، وكشاف القناع ٦/ ٣٢٩.
(٧) انظر: المغني ١١/ ٤٠٠، والكافي ٤/ ٤٦٤، والمحرر ٢/ ٢٠٦، والشرح الكبير ١١/ ٤٢٤، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٤٤٦.

<<  <   >  >>