بابُ إذا أقَرَّ الورَثةُ بوارِثٍ يُشارِكُهُمْ في المِيْراثِ
أمَّا الإقْرارُ بالمناسِبينَ ومَا يَثْبُتُ مِنْ ذَلكَ ومَا لا يَثبُتُ فَقدْ ذَكرْناهُ في كِتَابِ الإقْرارِ، ونَذكُرُها هُنا إذا أقرَّ الورَثَةُ بِوارِثٍ يُشارِكُهُمْ في الميْراثِ كَمْ يُعْطى؟ وكَيفِ طَريْقُ العَمَلِ في ذَلكَ؟ إذا أقرَّ الورَثَةُ في الظَّاهِرِ بِوارِثٍ للمَيِّتِ يَثبُتُ نَسَبُهُ مِنهُ، سَواءٌ كانُوا جمَاعةً أو واحِداً، وسَواءٌ كَانَ المُقَرَّ بهِ إذا ثَبتَ نَسَبُهُ يَسقُطُ المُقِرَّ أو لا يَسقُطُ، فأمَّا إذا اختَلفُوا فأقَرَّ بَعضُهُمْ بِوارِثٍ وأنْكَرهُ الآخَرُ لمْ يَثبُتْ نَسَبُهُ في المشْهُورِ مِنَ المذْهَبِ (١) إلاَّ أنْ يَشهَدَ مِنْهُمْ عَدْلانِ أنهُ وُلِدَ عَلى فِراشِهِ، وأنَّ الميِّتَ أقَرَّ بِهِ، وإذا قُلنَا لا يَثبُتُ نَسَبُهُ وإنَّهُ يَستَحقُّ ما فَضَلَ في يَدِ المُقِرِّ بِهِ عَنْ مِيراثِهِ. فَطَريْقُ العَمَلِ أنْ تُصحَّحَ الفَريضَةُ عَلى الإنْكارِ ثمَّ تُصحِّحَها عَلى الإقْرارِ ثمَّ تَضرِبَ أحْدى الفَريضَتينِ في الأخْرى إنْ تَبايَنا وفي وَفقِهمَا إنْ تَوافَقا فمَا بَلغَ فمِنْهُ تصِحُّ المسائِلُ وكُلُّ مَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ فَريضَةِ الإقْرارِ مَضرُوبٌ في فَريضَةِ الإنْكَارِ وفي وَفقِهَا ومَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ فَريضَةِ الإنْكَارِ مَضرُوبٌ في فَريضَةِ الإقْرارِ وفي وَفقِهَا فَيُبَيِّنُ لكَ ما في يَدِ المُقِرِّ مِنَ الفَضلِ فَيُعطيهُ للمُقَرِّ لهُ.
مِثالُهُ: إذا خَلَّفَ ابنَينِ فاقتَسَما مَالَهُ فأقَرَّ /٤٩٥ و/ أحَدُهُما بأخْتٍ مِنْ أبيهِ، وأنكَرَ الآخرُ نَقولُ فَريضَةُ الإقرَارِ مِنْ خَمسةٍ وفَريضَةُ الإنكَارِ مِنِ اثنَينِ تَضرِبُ إحْدى المسْألتَينِ في الأخرِى يَكُنْ عَشْرَةٌ للمُقِرِّ مِنْ فَريضَةِ الإقْرارِ سَهمَانِ في فَريضَةِ الإنكَارِ وهِي اثنَتانِ تَكُنْ أربَعةٌ، وللمُنْكِرِ مِنْ فَريضَةِ إنكَارِ سَهْمٌ في فَريَضِة الإقْرارِ تَكُنْ خَمسَةٌ فَقدْ بَانَ أنَّ الفَاضِلَ في يَدِ المُقِرِّ سَهْمٌ فَيَدفَعُهُ إلى الأخْتِ فإنْ لمْ يَكُنْ في يَدِ المقِرِّ فَضْلٌ عَنْ حَقِّهِ بَلْ كانَ الفَضلُ في يَدِ غَيرِهِ مِنَ الوَرثَةِ لمْ يَستَحِقَّ المُقِرِّ بِهِ عَليهِ شَيءٌ إذْ لَيسَ في يَدِهِ زِيادَةٌ عَلى مِيراثِهِ، ومتى أقَرَّ الوارث بوَارِثَينِ أو أكثَرَ بِكلامٍ واحِدٍ مُتَّصِلٍ ولا مُشارَكةٍ لهُ في الميراثِ فلا يَخلو أنْ يُصَدِّقَ بَعضُهُمْ بَعضَاً أو يَتَجاحَدوا، فإنِ اتَّفَقوا ثَبتَ نَسَبُ الجَميْعِ وإنْ اخْتَلفوا فأقَرَّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمْ بِذلكَ في حَقِّ نَفسِهِ وجَحَدَهُ في حَقِّ الذي أقَرَّ بهِ مَعهُ ثَبتَ نَسبُ الجمِيعِ ولمْ يلتَفت إلى تَجاحُدِهِمْ لأنَّ نَسَبهُمْ ثَبتَ في حَالةٍ واحِدَةٍ بِقولِ الوَارِثِ الثَّابِتِ النَّسَبِ قَبلهُمْ ويَحتَملُ أنْ لا يَثْبُتَ نَسَبُ واحِدٍ مِنهُمْ لأنَّهُ يَجعَلُ الإقْرارَ مِنْ جَميعِ الورَثَةِ فإنْ كانَ مَعَ المُقِرِّ الأوَّلِ شَريْكٌ في المِيْراثِ نَظَرنا فإنْ كَذَّبَهُ في الإقْرارِ لمْ يَثْبتِ النَّسَبُ وكانَ على المُقِرِّ أنْ يَدفَعَ ما فَضَلَ في يَدِهِ إلى المُقَرِّ بهِ، وإنْ صَدَّقَهُ شَريكُهُ
(١) انظر: الإنصاف ٧/ ٣٦٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute