للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ النُّشُوزِ

إذا ظَهَرَ مِنَ المَرأَةِ دَلائِلُ النُّشُوزِ؛ مِثلُ أنْ يَدعُوَهَا إلى الاسْتِمْتَاعِ فَلا تُجِيب، أو تُجِيْبُهُ مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً، وَعَظَهَا الزَّوْجُ وخَوَّفَهَا باللهِ تَعَالَى. فإنْ أَصَرَّتْ على ذلكَ هَجَرَهَا في المَضْجَعِ والكَلامِ فِيما دَونَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ (١).

فإنْ أصَرَّتْ على ذلكَ ضَرَبَهَا بِدُرَّةٍ أو مِخْرَاقٍ (٢) ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ (٣)، فإنْ مَنَعَهَا

الزَّوْجُ حَقَّهَا وأعْرَضَ عَنها وجَحَدَ ذلكَ عِنْدَ الحَاكِمِ، أسْكَنَهَا الحاكم إلى جَنْبِ ثِقَةٍ يَنْظُرُ حَالَهَا، ويُلْزِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الخُرُوجَ مِمَّا عليهِ مِنَ الحَقِّ لِصَاحِبِهِ ويَمْنَعُهُ مِنَ العُدْوَانِ. فإنْ بَلَغَا المُشَاتَمَةَ والمُضَارَبَةَ بَعَثَ الحَاكِمُ حَكَمَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَينِ، والأَوْلَى أنْ يَكُونَا مِنْ أهْلِهِمَا (٤)، ويُوْكِّلُهُمَا الزَّوْجَانِ أنْ يَنْظُرَا ما فيهِ الْمَصْلَحَةِ، مِنْ إصْلاحٍ أو فِرَاقٍ أو خَلْعٍ فَيَفْعَلانِهِ (٥).

فإنِ امْتَنَعَا مِنَ التَّوْكِيلِ في ذلكَ لَمْ يُجْبَرَا، ولكِنْ لا يَزَالُ يَبْحَثُ ويَسْتَخْبِرُ حَتَّى يَظْهَرَ له مِنَ المَظَالِمِ فَيَرْدَعَهُ عَنْ ظُلْمِهِ، ويَسْتَوْفِيَ الحَقَّ مِنْهُ وهُوَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ (٦) وعنهُ (٧)، إنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ في الطَّلاقِ / ٢٧٨ ظ / بِعِوَضٍ وغَيرِ عِوَضٍ، وَوَكَّلَت الزَّوْجَةُ حَكَماً في بَذْلِ العِوَضِ برضاً مِنهُمَا، وإلاَّ جَعَلَ الحَاكِمُ إلَيْهِمَا ذلكَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ.

فإنْ غَابَ الزَّوْجَانِ أو أحَدُهُمَا لمْ يَنْقَطِعْ نَظَرُ الحَكَمَيْنِ على الرِّوَايَةِ الأُوْلَة (٨) وهَلْ يَنْقَطِعُ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ (٩). وإنْ جُنَّ الزَّوْجَانِ أو أحَدُهُمَا انْقَطَعَ


(١) وهناك قول يذهب إلى أنه لا يهجرها في المضجع إلا ثلاثة أيام. انظر: الإنصاف ٨/ ٣٧٦.
(٢) المخراق: مِنديل أو نحوه يُلوى فيُضرب به أو يُلَفَّ فيفزع به، وهو لعبة يلعب بها الصبيان.
انظر: اللسان: ١٠/ ٧٦ (خرق).
(٣) وهناك رواية عن الإمام أحمد قال: له ضربها أولاً، يعني حين نشوزها. انظر: المغني ٨/ ١٦٢،
والزركشي ٣/ ٣٢٥، والإنصاف ٨/ ٣٧٧.
(٤) في الأصل: ((أهلها)).
(٥) اختلفت الرواية عن أحمد في الحكمين ففي إحدى الروايتين عنه: أنهما وكيلان لهما لا يملكان التفريق لهما إلا بإذنهما، والرواية الثانية: انهما حاكمان ولهما أن يفعلا ما يريان من جمع وتفريق بعوض وغير عوض ولا يَحتاجان الى توكيل الزوجين ولا رضاهما.
انظر: المغني ٨/ ١٦٧ - ١٦٨، والزركشي ٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٦) انظر: الزركشي ٣/ ٣٢٥، والإنصاف ٨/ ٣٨١.
(٧) انظر: الشرح الكبير ٨/ ١٧٠، والإنصاف ٨/ ٣٨١.
(٨) أي الرواية التي تقول أنهما وكيلان. انظر: المغني ٨/ ١٧١، والزركشي ٣/ ٣٢٧، والإنصاف ٨/ ٣٨١.
(٩) الوجه الأول: ينقطع، وبه قال أبو محمد وأبو البركات، إذ كل من الزوجين محكوم له وعليه =

<<  <   >  >>