للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يَجِبُ عليه إذا قسمَ أنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ في الوَطْءِ، بلْ يُسْتَحبُّ ذلكَ، وإذا أرادَ أنْ يُسَافِرَ بإحْداهُنَّ لَمْ يَجُزْ إلاّ بالقُرْعَةِ. فإنْ سَافرَ بِها بِغَيرِ قُرْعَةٍ أثِمَ وقضى لِلْبَواقِي، وإنْ سَافَرَ بِها بالقُرْعَةِ لم يقضِ، وكَذَلِكَ إنْ أرَادَ الانْتِقَالَ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ فَسَافَرَ معهُ بإحْدَاهُنَّ وبَعَثَ بالبَوَاقِي مَعَ غَيْرِهِ، فإنّهُ إنْ كانَ بِقُرْعَةٍ لمْ يقضِ، وإنْ كانَ لِغَيْرِ القُرْعَةِ قَضى.

وإذا امْتَنعتِ المَرْأةُ مِنَ السَّفَرِ مَعهُ سَقَطَ حَقُّها مِنَ القَسْمِ. وكذلكَ إنْ سَافَرَتْ بِغَيرِ إذْنِهِ. فأمّا إنْ سَافَرَتْ بإذْنِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا من القسم؟ عَلَى وَجْهَينِ (١).

وإذا وَهَبَتْ المَرْأةُ حَقَّهَا مِنَ القَسْمِ لِبَعْضِ ضَرَائِرِها جَازَ، إذا رَضِيَ الزَّوْجُ، وإنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لِلزَّوْجِ جَعَلَهُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ نِسَائِهِ. فإنْ رَجَعَتْ في الهِبَةِ عَادَ حَقُّهَا إِلَى القَسْمِ مِنْ يَومِ الرُّجُوعِ. وعِمَادُ القَسْمِ اللَّيْلُ لِمَنْ مَعِيشَتُهُ بالنَّهَارِ، والنَّهَارُ لِمَنْ مَعِيْشَتُهُ في اللّيْلِ؛ كالحَارِسِ وغَيْرِهِ. فإنْ دَخَلَ إلى غَيْرِهَا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ ولمْ يَلْبَثْ أنْ خَرَجَ لم يقضِ، وإنْ لَبِثَ أو جَامَعَ فَقَدْ أخطأَ ويَقْضِي لَها مِنْ حَقِّ الأُخْرَى بِمِقْدَارِ ما أقَامَ / ٢٧٧ و / عِنْدَها، ولا قَسْمَ عليهِ فيما مَلَكَ منَ الإمَاءِ، بَلْ لهُ أنْ يَسْتَمْتِعَ بِهِنَّ، وبِكُلِّ وَاحِدَةٍ منهنَّ كيفَ أرَادَ، والمُستحَبُّ أنْ يَسَوِّيَ بينَهُنَّ ولا يَعْظُلَهُنَّ، إنْ لَمْ يُرِدِ الاستِمْتَاعَ بِهِنَّ، وإذا كانَ له إمَاءٌ وزَوْجاتٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ على الإمَاءِ مِنْ غَيرِ قَضاء (٢) لِلزَّوْجَاتِ، والدُّخُولُ على الزَّوْجَاتِ مِنْ غَيرِ قَضَاءٍ للإمَاءِ.

وإذا تَزَوَّجَ امْرَأةً وعِنْدَهُ نِسْوَةٌ، يقسمُ لَهُنَّ قطعَ الدورِ، وأقامَ عندَ الجَدِيْدَةِ بِحَقِّ العَقْدِ سَبْعاً، ثمَّ يَسْتأنِفُ القَسْمَ إنْ كَانَتْ بَاكِراً، وإنْ كَانَتْ ثَيِّباً أقَامَ عِنْدَها ثَلاثاً، ثمَّ اسْتَأْنَفَ القَسْمَ. فإنِ اخْتَارَتْ أنْ يُقِيْمَ عَندَها سَبْعاً، ويَقضي لَهُنَّ فلها ذلكَ. فإنْ تَزَوَّجَ امْرأتَينِ فَزُفَّتَا إليهِ في لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أقَامَ عندَ السَّابِقَةِ بِحَقِّ العَقْدِ، ثمَّ يَفْعَلُ ذلكَ بالأُخْرَى. وإنْ زُفَّتا معاً أقْرَعَ بينَهُمَا بِحَقِّ العَقْدِ.

وإنْ أرَادَ السَّفَرَ فأقْرَعَ فَخَرَجَ السَّهْمُ لإحْدَى الجَدِيْدَتَيْنِ سَافَرَ بِهَا، ودَخَلَ حَقُّ العَقْدِ في القَسْمِ لِلسَّفَرِ. فإذَا رجَعَ قَضى للأُخَرى حَقَّ العَقْدِ، ويُحتَمَلُ أنْ لا يَقضيَ، فإذا قسمَ لِزَوْجَتَيْهِ وأقامَ عندَ إحْدَيْهِمَا، فلمَّا جَاءَ حَقُّ الأُخْرَى طلَّقَها أَثِم فإن عَادَ تَزَوَّجَها لَزَمَهُ أنْ يَقْضيَ لَهَا ويَجُوزُ أنْ يَخْرُجَ في نَهَارِ لَيْلَةِ القَسْمِ لِمَعَاشِهِ وقَضَاء حُقُوقِ النَّاسِ.


= المأمونة، والصغيرة التي يمكن وطأها في أحد الوجهين وقيل: إن كانت مميزة قسم لها وإلا فلا. انظر: المغني ٨/ ١٣٩، والإنصاف ٨/ ٣٦٧.
(١) الوجه الأول: يسقط حقها، وبهذا قال القاضي والخرقي. والوجه الثاني: لا يسقط. انظر: الشرح الكبير ٨/ ١٦٢، والزركشي ٣/ ٣٢٠، والإنصاف ٨/ ٣٧٠.
(٢) في الأصل: قضى.

<<  <   >  >>