للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّهُ يُضربُ قاعداً، فعلى هَذَا يُضْرب ظهرُه (١) وما قَاربَهُ، ولا تُضرَبُ المَرأَةُ إلا جَالِسَةً فِي شَيءٍ يستر عَلَيْهَا، وَتَمْسكُ امرأةٌ ثيابَها، وإذا كَانَ [الحدُ] (٢) رَجْماً؛ فلا يُحْفَرُ للرَّجُلِ، وهل يُحْفَرُ لِلمرأَةِ؟ قَالَ شَيخُنا فِي المجردِ: إنْ ثَبَتَ الحدُّ بالإقرارِ لَمْ يُحْفَرْ لها وإن ثبتَ بالبيِّنَةِ حُفِرَ لها إلى الصَّدرِ (٣)، وَقَالَ فِي الخلافِ: لا يُحْفَر لَهاُ (٤)، والأول أصحُّ عِندي، وَالجَلدُ فِي الزِّنَا أشدُّ مِنهُ فِي القَذفِ، وفي القذفِ أشَدُّ مِنْهُ في الشُّربِ، وفي الشُّربِ أشدُّ مِنْهُ فِي التَّعزِيرِ.

بَابُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنا واللوِاط

لا يَثْبُتُ ذَلِكَ إلا بالإقرَارِ، أَربَعَ مَرَّاتٍ، إمّا فِي مَجْلِسٍ أو فِي مَجَالِسَ (٥)، أو بشَهادَةِ أربعةِ رِجالٍ (٦) عُدولٍ يَشهدونَ فِي مَجلِسٍ وَاحِدٍ، وإنْ تَفَرَّقَ مجيئُهمِ إلَيهِ، فإنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَا بامرَأَةٍ بَعيْنِهَا فَجَحَدَتْ، لِزمَهُ الحَدُّ دُونَهَا، وإنْ شَهِدَ عَلِيهِ أربعَةٌ بالزِّنا فَصَدَّقَهُم لَمْ يَسقُطْ عَنْهُ، وإذا شَهِدَ ثلاثةٌ وامتنعَ الرابع، أو شَهِدَ الرَّابعُ، وَهُوَ زَوجُ المشهُودِ، حُدَّ الثلاثةُ حَدَّ القذفِ ولا يُحَدُّ الزوجُ، فإن شَهِدَ أربعةٌ فرجعَ أَحَدُهُم قَبْلَ إقامةِ الحدِ حُدَّ الثلاثةُ وهل يُحَدُّ الرابعُ أم لا؟ عَلَى رِوايتين (٧)، وإنْ رَجع بعدَ إقامةِ الحدِّ، فلا شيءَ عَلَى الثلاثةِ، وعلى الرابعِ رُبْعُ الدِّيَّة، فإن شَهِدَ أربعةٌ فَبَانَ أَنَّهم فُسَّاقٌ، أَو عِميانٌ، أو بَعْضُهُم فَعَليهِمُ الحَدُّ فِي إحدَى الرِّوايَتَيْنِ، والأخرى لا حَدَّ عليهِم /٣٨٧ و/.

وإنْ شَهِدَ أربعةٌ عَلَى مَجبوُبٍ أنّهُ زنَا، فَهُم قاذِفُون، وإنْ شَهِدَ اثنَانِ أنها زَنَا بِهَا مُكرَهَةً، لَمْ يُحَدَّ المشهُودُ عَلَيْهَا، وهل يُحَدُّ الشُّهودُ جَميعُهُم؟ عَلَى وجهينِ أحدُهمَا


(١) فِي الأصل: ((طرهُ)) ولعل الصواب مَا أثبتناه.
(٢) في المخطوط ((الجلد)).
(٣) وذلك؛ لأن الحد إذا ثبت بالبينة، فلا يسقط بفعل من جهتها بخلاف الثابت بالإقرار، فإنها تترك عَلَى حال لَوْ أرادت الهرب تمكنت مِنْهُ؛ لأنَّ رجوعها عَن إقرارها مقبول. انظر: المغني ١٠/ ١٢٣.
(٤) هُوَ ظاهر كلام أحمد، وهذا مَا جاءت بِهِ أكثر الأَحَادِيث فإن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يحفر للجهنية، ولا لماعز، ولا لليهوديين والحديث الَّذِي احتج بِهِ من قَالَ بالحفر، غَيْر معمول بِهِ، وإذا ثبت هَذَا، فإن ثياب المرأة تشد عَلَيْهَا، كيلا تنكشف لما رَوَى أبو داود ٤/ ١٥٢ (٤٤٤٠) بإسناده عن عمران بن حصين، قَالَ: ((فأمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فشدت عَلَيْهَا ثيابها)) ولأن ذَلِكَ أستر لها. انظر: المغني ١٠/ ١٢٣.
(٥) اشترط الخرقي أن يشهدوا كلهم فِي مجلس واحد، وَقَالَ: ((إن جَاءَ أربعة متفرقين والحاكم جالس فِي مجلس حكمه لَمْ يقم، قبلت شهادتهم، وإن جَاءَ بعضهم بعد أن قام إلى الحَاكِم كانوا قذفة وعليهم الحد)). انظر: شرح الزركشي ٤/ ٤٧ - ٤٨، وانظر المغني ١٠/ ١٧٨.
(٦) انظر: المغني ١٠/ ١٧٥.
(٧) انظر: الروايتين والوجهين ١٧٦/ب.

<<  <   >  >>