يُحدُّونَ، والثاني: يُحَدُّ الشَّاهدانِ اللذانِ شَهِدا أنها طاوَعَتْهُ، وَهُوَ اختيارُ أبي بكرٍ، ويُقَوي أنَّه يُحَدُّ الرَّجُلُ المشْهودُ عَلِيهِ، ولا حَدَّ عَلَى المرأَةِ والشُّهودِ، فإن شَهِدَ اثنانِ أنّه زَنَا بِهَا فِي هَذَا البَيْتِ، وَآخرَانِ أنَّه زَنَا بِهَا فِي بَيتٍ آخرَ، أو شَهِدَ اثنانِ أنَّهُ زنا بِهَا فِي بَغدادَ وآخرانِ أنَّه زَنا بِهَا فِي عكبرى؛ فالشُّهودُ فِيهِ فِي إحدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اختارَهَا الخِرَقيُّ، وفي الأخرى يَلزَمُ الشُّهودَ عَلَيْهِما الحدُّ، وَهيَ اختيارُ أبي بَكرٍ ظَاهِرُ هَذِهِ الروايَةِ أنَّه لا تُعْتبَرُ شهادَةُ الأربَعةِ عَلَى فِعلِ واحِدٍ، وإنّما يُعتبرُ عَدَدُ الشهود فِي كَونِها زانيةً وَفيهَا تُحَدُّ، فإنْ شَهِدَ اثنانِ أنها زنا بِهَا فِي قَمِيصٍ أَحمرَ، واثنانِ أنَّه زَنَا بِهَا فِي قَميصٍ أَبيضَ، أو شَهِدَ اثنان أنّه زَنَا بِهَا فِي زاويةِ بيتٍ، واثنان أنّه زَنَا بها فِي زاويةٍ مِنْهُ أُخرى؛ فَقَالَ أبو بَكرٍ، وشيخُنا: يَجِبُ الحدُّ عَلَى المشهودِ علَيهِمِا، وَيتخرجُ أنهَّ لا حدَّ عليهِمِا فيمَا ذَكَرنَا فِي مَسأَلَةِ اختِلافِهمِ فِي الإكرَاهِ، والمطاوَعَةِ، فإنْ قَامَتِ البيَّنةُ عَلَيْهِمَا بالزِّنَا؛ فَشَهِدَ نِساءٌ ثقاتٌ أَنّها عَذْراءُ، فلا حَدَّ عَلَيْهَا وعلى الشُّهود نَصَّ عَلِيهِ، وإذا شَهِدَ عَلِيهِ بالزِّنا ثمانيةٌ، فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ أربعةٌ مِنْهُم وقالوا: أخطأنا، لَزِمَهُم نِصفُ دِيَّة المرجومِ، وإن رَجَعَ الجَميعُ، لَزِمَ كلَّ واحِدٍ مِنْهُم ثُمنُ الدِّيَّة، فإنْ شَهِدَ أربعَةٌ بالزِّنَا، واثنَانِ بالإحصَانِ، فَرُجِم، ثُمَّ رَجَعَ الجميعُ وَقالُوا: أخطأنَا لَزِمَهُ الدِّيَّة بينَهُم أسدَاسَاً فِي أحَدِ الوَجهَينِ، وفي الأخر عَلَى شَاهِدَي الإحصَانِ النِّصف، وعلى شهودِ الزِّنا النِّصفُ، اختارَهَا أبو بَكرٍ فإنْ شَهِدَ أربَعةٌ بالزِّنا، وشَهِدَ منهم اثنانِ بالإحصَانِ، صَحَّت الشهادة، فإن رُجِمَ ثُمَّ رجَعوا فَعَلى مَنْ شَهِدَ بالإحصَانِ ثَلاَثَةُ أربَاعِ الدِّيَّة فِي أحَدِ الوجهَينِ، وفي الآخَرِ: ثُلُث الدِّيَّة، فإن شَهِدَ أربعةٌ بالزنا وزَكّاهم اثنان فَرُجِمَ المشهودُ عَلَيهِ، ثُمَّ بان أنَّ الشُّهودَ كَانوا فُسّاقاً، فلا شَيءَ عَلَى الشُّهودِ بالزِّنا /٣٨٨ ظ/ وَيلْزمُ شاهِدَ التزكيةِ الدِّيَّة، وإنْ شَهِدَ أربعةٌ عَلَى رجلٍ أنه زَنَا بامرأَةٍ فجَاءَ شُهودٌ أربعةٌ فشَهِدوا على الشهودِ أنّهم هُمُ الزُّناةُ بِهَا، لَمْ يُحَدَّ المشهودُ عَلِيهِ، وهل يُحَدُّ الشُّهودُ الأولونَ؟ عَلَى روايتينِ، ولا يثبُتُ الإقرارُ بالزِّنا إلا بأربَعةِ شُهودٍ، وَعنْهُ: أنّه يَثبُتُ بِرَجُلَينِ، وَتُقْبَلُ الشَّهادَةُ عَلَى الزِّنا والسَّرِقَةِ، وشُربِ الخَمْرِ مَعَ تَقادُمِ الزَّمانِ، ويَحتَمِلُ أنْ لا يُقبَل للتُّهمَةِ، وإذا ثَبتَ الحَدُّ بالإقرارِ، فالمُستَحَبُّ أنَّ يَبْدَأَ الإمامُ بالرَّجمِ، وإذا رَجَعَ المقرُّ فِي إقرَارهِ سَقَطَ عَنْهُ الحدُّ، وإذا ثَبَتَ بالبيِّنةِ، فالمُستَحَبُّ أَنْ يبدأَ الشُّهودُ بِالرَّجمِ، ولا يسقُطُ الحدُّ بِتَوبَةٍ، ولا تُقامُ الحُدودُ فِي المسَاجِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute