للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باللعَانِ فَإنْ قَذَفَهَا وهِيَ ذِمِّيَّةٌ أوْ أمَةٌ لَزِمَهُ التَّعْزِيرُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ باللعَانِ أيْضَاً، وفي الرِّوايَةِ الأخْرَى (١) لا يَصُحُّ اللعَانُ إلا مِنْ زَوْجَينِ مُسْلِمَينِ عَدلَينِ فَأمَا إنْ قَذَفَ الذِّمِّيَّةَ أوْ الأمَةَ أوْ الفَاسِقَةَ فَإنَّهُ يُعَزَّرُ، وإنْ قَذَفَ المُحْصَنَةَ حُدَّ ولا لِعَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوايَةِ، ولا يَتَعَرَّضُ للقَاذِفِ بِلَعْنٍ ولا غَيْرِهِ إلا بَعْدَ مُطَالَبَةِ الزَّوْجَةِ لَهُ بِمُوجَبِ القَذْفِ فَإنْ عَفَتْ بَعْدَ المُطَالَبَةِ سَقَطَ ذَلِكَ، فَأمَّا الأخْرَسُ (٢) فَإنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ أوْ كِنَايَتُهُ صَحَّ لِعَانُهُ وإلا فَلا يَصُحُّ وأمَّا مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ وآيَسَ مِنْ نُطْقِهِ فَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُهُ بالإشَارَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ (٣)، وأمَّا الأعْجَمِيُّ فَإنْ كَانَ يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ لَمْ يَصِحَّ لِعَانُهُ بِلِسَانِهِ وإنْ كَانَ [لا] (٤) يُحْسِنُهَا فَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُهُ بِلِسَانِهِ يحْتَمِلُ أنْ يَصِحَّ ويحْتَمِلُ أنْ لا يَصِحَّ، ويتعلم، ولا تَصِحُّ المُلاعَنَةُ إلا لِحَضْرَةِ الحَاكِمِ، وصِفَتُهَا أنْ يَبْدَأ الزَّوْجُ فَيَقُولَ: أشْهَدُ باللهِ إني لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيْمَا رَمَيْتُها بِهِ مِنَ الزِّنَا. أرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَقُولُ في الخَامِسَةِ: ولَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ [مِنَ] (٥) الكَاذِبِينَ. ثُمَّ تَقُولُ الزَّوْجَةُ أرْبَعَ مَرَّاتٍ: أشْهَدُ باللهِ لَقَدْ كَذَبَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَا. ثُمَّ تَقُولُ: وَغضَبُ اللهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. والسُّنَّةُ أنْ يَتَلاعَنَا قِياماً، ويُقَالُ للزَّوْجِ إذا بَلَغَ إلى اللعْنَةِ والزَّوْجَةِ إذا بَلَغَتْ إلى الغَضَبِ: اتَّقُوا اللهَ فَإنَّها المُوجِبَةُ وعَذَابُ الدُّنْيَا أهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ (٦). وأنْ يَحْضَرَ اللعَانَ جَمَاعَةٌ ويُلاعِنُهَا في المَواضِعِ والأزْمَانِ الَّتِيْ تَعْظُمْ ولا يَجِبُ جَمِيعُ ذَلِكَ، ويَكُونُ اللعَانُ بِحَضْرَةِ الحَاكِمِ فإنْ كَانَتْ خَفِرةً (٧) بَعَثَ مَنْ يُلاعِنُ بَيْنَهُمَا فَإنْ نَقَضَ أحَدُهُمَا شَيْئَاً مِنَ الألفَاظِ الخَمْسَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِلِعَانِهِ وإنْ بَدَّلَ لفْظَةَ أشْهَدُ بأُقْسِمُ أو حَلَفَ أوْ بَدَّلَ لفْظَةَ اللعَنَةِ بالإبْعَادِ ولَفْظَةَ الغَضَبِ بالسَّخَطِ احْتَمَلَ وَجْهَينِ (٨) أحَدُهُمَا: لا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ وَهُوَ الأظْهَرُ، والثَّاني: يُعْتَدُّ


= انظر: مسائل عَبْد الله ٣/ ١١٥٢ و ١١٥٧، والروايتين والوجهين ١٤٥/أ، والمغني ٩/ ٦، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٣/ ٣٤٩، والإنصاف ٩/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(١) انظر: الروايتين والوجهين ١٤٥/أ.
(٢) لأنه يصح طلاقه فصح قذفه ولعانه كالناطق. انظر: المغني ٩/ ١١.
(٣) الأول: يصح؛ لأنه مأيوس من نطقه فأشبه الأخرس. والثاني: لا يصح؛ لأنه ليس بأخرس فلم يكتف بإشارته كغير المأيوس. انظر: الشرح الكبير ٩/ ١٠. وذكر أبو مُحمَّد بن قدامه في المغني ٩/ ١١ - ١٢ أن من قذف وهو ناطق ثم خرس وأيس من نطقه فحكمه حكم الأصلي، وإن رجي عود نطقه وزوال خرسه انتظر به ذلك.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) قَالَ ابن قدامه في المقنع: ٣٥٤: "وإذا بلغ كُلِّ واحد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلاً فأمسك يده عَلَى فيّ الرجل وامرأة تضع يدها عَلَى فيّ المرأة ثم يعظه ويقول اتق الله فإنها الموجبة ".
(٧) بفتح الخاء المعجمة وكسر الفاء - الشديدة الحياء. المطلع: ٣٤٧.
(٨) انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ ٣/ ٤١٥.

<<  <   >  >>