للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَاذِفَاً لَهُمَا (١). فَإنْ قَالَ لامْرَأتِهِ: يا زَانِي، وَقَالَ لِرَجُلٍ: يا زَانِيَةُ. فَهُوَ صَرِيْحٌ عَلَى قَوْلِ أبِي بَكْرٍ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لا يَكُونُ قَاذِفَاً. ومَعْنَى قَوْلهِ أنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ في القَذْفِ، وإلا فَلَوْ قَالَ: نَوَيْتُ بِهِ قَذْفَهُ، أوْ فَسَّرَهُ بِالقَذْفِ فَلا شَكَّ أنَّهُ يَكُونُ قَاذِفَاً فَإنْ قَالَ: زُنَاةٌ في الجَبَلِ. فَقَالَ أبُوْ بَكْرٍ هُوُ صَرِيْحٌ في القَذْفِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ كَانَ يَعْرِفُ اللُّغَةَ (٢) فَقَالَ: أرَدْتُ الصُّعُودَ في الجَبَلِ. قُبِلَ مِنْهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ إمَامِنَا أحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ. في العَرَبِيِّ إذا قَالَ بِهِشتَم (٣) إنْ كَانَ لا يَعْرِفُ أنَّهُ طَلاقٌ لا يَلْزمُهُ الطَّلاقُ، فَإنْ قَالَ: زَنَأتَ ولَمْ يَقُلْ في الجَبَلِ فَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ كَالَّتي قَبْلَهَا (٤)، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَكُونَ صَرِيحَاً وَجْهَاً واحِدَاً، وأما الكِنَايَةُ فَيَجُوزُ أنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ قَدْ فَضَحْتِيهِ /٣٣٣ و/ وَغَطَّيْتِ رَأسَهُ وَجَعَلْتِ لَهُ قُرُونَاً وعَلَّقْتِ عَلَيْهِ أوْلادَاً مِنْ غَيْرِهِ وأفْسَدْتِ فِرَاشَهُ ونَكَسْتِ رَأسَهُ، أوْ يَقُولَ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ: يا حَلالَ ابْنَ الحَلالِ، يا عَفِيفُ ما تَعْرِفُكَ النَّاسُ بالزِّنَا، أوْ يَقُولَ: يا فَاجِرَةُ، يا قَحْبَةُ، يا خَبِيْثَةُ، أوْ يَقُولَ لِنِبْطِيٍّ يا أعْجَمِيُّ يا عَرَبِيُّ فَهَذَا لا يَكونُ قَاذِفَاً إلا أنْ يَنْويَ بِذَلكِ القَذْفِ فَإنْ قَالَ نَوَيْتُ عَنِ القَذْفِ وفَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ فَالقَولُ قَولُهُ في إحْدَى الرِّوايَتَينِ (٥)، وفي الأُخْرَى جَمِيعُ ذَلِكَ صَرِيحٌ في القَذْفِ ويُلْزِمُ الحَدَّ (٦) اخْتَارَهَا شَيْخُنَا، وكَذَلِكَ الحُكْمُ إذا سَمِعَ إنْسَانَا يَقْذِفُ رَجُلاً بِالزِنَا فَقَالَ: صَدَقتَ. أو قَالَ: أخْبَرَنِي فُلانٌ أنَّكَ تَزْنِي، وكَذَّبَهُ فُلانٌ (٧) يُخَرَّجُ عَلَى وَجْهَينِ (٨)، فَإنْ قَالَ: أهْلُ بَغْدادَ كُلُّهُمْ زُنَاةٌ. لَمْ


(١) انظر: المغني ١٠/ ٢١٦.
(٢) انظر: المغني ١٠/ ٢١٦ - ٢١٧، والكافي ٤/ ٢١٨، والمحرر ٢/ ٩٥، والمبدع ٩/ ٩٢، والفروع ٦/ ٩٣، والإنصاف ١٠/ ٢١٤.
(٣) في الأصل "كهشتم"، ونقل عبارته المرداوي في الإنصاف ١٠/ ٢١٤ فَقَالَ: "قَالَ في الهداية قَالَ بهشيم "، وضبطها في المطلع١/ ٣٣٥، والمبدع ٧/ ٢٧٤ بالحروف فَقَالَ: بكسر الباء والهاء، وهي تعني: خليتك، وهذا الإطلاق يكون بلسان العجم.
(٤) يعني عَلَى قَوْل ابن حامد. انظر: الإنصاف ١٠/ ٢١٤، والفروع ٦/ ٩٣.
(٥) ذكر أبو بكر عَبْد العزيز: أن أبا عَبْد الله رجع عن القول بوجوب الحد في التعريض. المغني ١٠/ ٢١٤.
(٦) نقل حَنْبَل عن الإمام أحمد أنَّهُ لا حد عَلَيْهِ وَِهُوَ ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي بكر، وروى الأثرم وغيره عن أحمد أن عَلَيْهِ الحد. انظر: المغني ١٠/ ٢١٣، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٤/ ٥٦، والكافي ٤/ ٢٢٠.
(٧) قَالَ ابن قدامة في المغني ١٠/ ٢١٦: "لَمْ يكن قاذفاً سواء كذبه المخبر عنه، أهون صدقه".
(٨) الوجه الأول: لَمْ يكن قاذفاً كما سبق؛ لأنه أخبر أنَّهُ قَدْ قذف فلم يكن قذفاً مْنْهُ. والوجه الثاني: يكون قاذفاً ونسب هَذَا الوجه ابن قدامة لأبي الخطاب. انظر: المغني ١٠/ ٢١٦، والكافي ٤/ ٢١٩، وكشاف القناع ٦/ ١١٢.

<<  <   >  >>