للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المَانِعِ مِنَ الوُقُوعِ فقالَ: في مَوْضِعٍ لا يكونُ مُكْرَهاً حَتّى يَنَالَ بِشَيءٍ مِنَ العَذَابِ كالضَّرْبِ والقَيْدِ والحَبْسِ، وقالَ في مَوْضِعٍ إذا هُدِّدَ بالضَّرْبِ والقَتْلِ وأخْذِ المَالِ مِمّنْ يقدرُ فَهُوَ إكْرَاهٌ وإذا وَكّلَ مَنْ يَصِحُّ طَلاقُهُ في الطَّلاقِ صَحَّ تَوكيله ولهُ أنْ يُطَلِّقَ مَتَى شاءَ ومَا شَاءَ إلاَّ أنْ يحدَّ في ذلكَ حَدّاً.

فإنْ وَكّلَ رَجُلَيْنِ في طَلاقِ زَوَجَتِهِ فَطَلَّقَ أحَدُهُمَا لم يَقَعِ طَلاقُهُ، إلاَّ أنْ يَجْعَلَ إليهِمَا الطَّلاقَ في حالِ الانْفَرَادِ، فإنْ طَلّقَ أحَدُهُمَا واحِدَةً والآخَرُ ثَلاثاً وَقَعَتْ وَاحِدَةً.

وإنْ قالَ لِزَوْجَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ أو أمرُكِ بِيَدِكِ فقالت أنتَ طَالِقٌ لمْ يَقَعْ، ويُحْتَمَلُ (١) أنْ يَقَعَ إذا نَوَت طَلاقَ نَفْسِهَا منهُ فإنْ قالَ: / ٢٨٣ و / طَلِّقِي ثَلاثاً فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً، وإنْ قالَ طَلِّقِي وَاحِدَةً فَطَلّقَتْ ثَلاثاً وَقَعَتْ وَاحِدَةً.

فإنْ قال: [أُخْرُجِي] (٢) مِنَ الدَّارِ، وقال: هذا طَلاقُكِ، فقال ابن حامد (٣): يَقَعُ نَوَاهُ أو لمْ يَنْوِهِ وَذَكَرَ شيخُنَا: أنّهُ مَنْصُوصُ أحْمدَ - رحِمَهُ اللهُ - وكذلكَ نَحَا على قِيَاسِهِ إذا أطْعَمَهَا وسَقَاهاَ وقال: هذا طَلاقُكِ وعِنْدِي أنّهُ إذا قالَ: نَوَيْتُ أنّ هذا يكونُ شَيئاً لِطَلاقِكِ، يُقْبَلُ مِنْهُ فيما بَيْنَهُ وبينَ اللهِ تَعَالَى، وهَذَا يقبلُ في الحُكْمِ على وَجهَينِ (٤). أصَحُّهُمَا أنَّهُ يقبلُ، فإنْ كَتَبَ طَلاقَ زَوْجَتِهِ ونَوَى بهِ الطَّلاقَ وَقَعَ، رِوَايَة وَاحِدَة.

فإنْ قال: نَوَيتُ تَجْوِيدَ خَطِّي أو أنْ أغُمَّ أهْلِي قُبِلَ فيما بينهُ وبينَ اللهِ تَعالَى، وهَلْ يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ على رِوايَتَينِ (٥). قال: في رِوايَةِ أبِي طَالِبٍ إذا كَتَبَ ونَوَى الطَّلاقَ وَقَعَ، وإنْ أرادَ أنْ يعمَّ أهْلَهُ فَقَدْ عَملَ أيضاً في ذلك فَظَاهِرُهُ أنَهُ عملَ الطَّلاقَ أيضاً وقال في رِوَايَةِ إسْحَاقَ بنِ إبْرَاهِيمَ (٦)، وقد سُئِلَ إذا كَتَبَ على وِسَادَةٍ فقال: قد اخْتَلَفُوا فيهِ، ولكنْ إذا كَتَبَ إلَيْهَا وقال: يومَ أكْتُبُ إلَيكِ بِطَلاقِكِ فأنْتِ طَالِقٌ فَيَومَ كَاتَبَهَا الكتاب تطلقُ، فلم يُوقِعِ الطَّلاقَ بِكِتَابَتِهِ وإنّمَا أوقَعَهُ بِشَرْطِهِ ولِهَذَا أوْقَعَهُ يَومَ كَاتَبَهَا الكِتابَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قد كَتَبَهُ قبلَ ذلكَ بِسَنَةٍ ولم يُوَقِّعْهُ وقد قالَ القَاضَي الشَّرِيفُ في " الإرشَادِ ": على روايتين (٧)، وهذا صحيحٌ فإنَّ قَولَهُ أنتِ طَالِقٌ أصْرَحُ مِنَ الكِنَايَةِ.

وإذا نَوَى مِنْ وثاقِ فَفيهِ رِوَايَتَانِ (٨)، فإنْ كَتَبَهُ بِشَيءٍ لا يَتَبَيّنُ، فقال أبو حَفْصٍ


(١) انظر: الهادي: ١٧٨، الشرح الكبير ٨/ ٣١٦.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) انظر: المغني ٨/ ٢٧٩، شرح الزركشي ٣/ ٣٧٥.
(٤) انظر: المقنع: ٢٣١، الشرح الكبير ٨/ ٢٨٠، الإنصاف ٨/ ٤٦٨.
(٥) انظر: المقنع: ٢٣١، المحرر في الفقه ٢/ ٥٤، الشرح الكبير ٨/ ٢٨١، الإنصاف ٨/ ٤٧٢ - ٤٧٣.
(٦) انظر: المحرر في الفقه ٢/ ٥٤، الشرح الكبير ٨/ ٢٨٣.
(٧) انظر: الإنصاف: ٨/ ٤٧٣.
(٨) انظر: الشرح الكبير: ٨/ ٢٧٦.

<<  <   >  >>