للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَمْ يَكُنْ إلاَّ مَعْلُوماً، وإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ المُشْرِكِيْنَ جَازَ مَجْهُولاً، ويَسْتَحِقُّهُ إِذَا فُتِحَتِ القَلْعَةُ، فَإِنْ كَانَ الجُعْلُ جَارِيَةً وَجَبَ تَسْلِيْمُهَا إِلَيْهِ إِنْ فُتِحَتِ القَلْعَةُ عَنْواً، إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ الجَارِيَةُ قَدْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الفَتْحِ فَلَهُ قِيْمَتُهَا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الفَتْحِ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مُسْلِماً، وإِنْ كَانَ مُشْرِكاً فَلَهُ قِيْمَتُهَا. فَإِنْ كَانَ الفَتْحُ صُلْحاً وامْتَنَعَ صَاحِبُ القَلْعَةِ مِنْ تَسْلِيْمِ الجَارِيَةِ وامْتَنَعَ مُسْتَحِقُّ الجُعْلِ مِنْ أَخْذِ قِيْمَتِهَا فَسَخَ الصُّلْحَ. فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الفَتْحِ فَلاَ شَيءَ لَهُ.

والإِمَامُ مُخَيَّرٌ في الأَسْرَى مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ والمَجُوْسِ بَيْنَ القَتْلِ والاسْتِرْقَاقِ والفِدَاءِ والمَنِّ. وأمَّا بَقِيَّةُ الكُفَّارِ فَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ القَتْلِ والمَنِّ والفِدَاءِ، وفي الاسْتِرْقَاقِ رِوَايَتَانِ (١). ولاَ يَخْتَارُ إِلاَّ الأَصْلَحَ للإِسْلاَمِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الأَسَارَى رُقُّوا في الحَالِ ويَسْقُطُ التَّخْيِيْرُ، فَإِنْ فَادُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَالٍ فَهُوَ غَنِيْمَةٌ، وأَمَّا النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ فَيُصَيَّرُوْنَ رَقِيْقاً بِنَفْسِ السَّبْيِ، ويَتْبَعُ الطِّفْلُ لِسَابِيْهِ في الإٍسْلاَمِ، فَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ تَبَعَهُ، وَعَنْهُ: يَكُوْنُ تَبَعاً لِسَابِيْهِ أَيْضاً.

ولاَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِاسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا واسْتُرِقَّ، فَقَالَ شَيْخُنَا: يَنفسِخُ النِّكَاحُ، وعِنْدِي: لاَ يَنْفَسِخُ (٢). ومَنْ صَارَ رَقِيْقاً لِلْمُسْلِمِيْنَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مِنَ المُشْرِكِيْنَ، ويُحْتَمَلُ جَوَازُ بَيْعِهِ (٣). ولاَ يَجُوْزُ أَنْ يُفَادِى بِالسَّبْيِ عَلَى مَالٍ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (٤)، والآخَرِ: يَجُوزُ. وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.

وإِذَا اسْتَرَقَّ الإِمَامُ قَوْماً ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ، فَأَقَرَّ بَعْضَهُمْ بِنَسَبِ بَعْضٍ لَمْ يُقْبَلْ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ /١١٤ ظ/ فَإِنْ هَادَنَ أَهْلَ بَلَدٍ فَسَبَاهُمْ الكُفَّارُ لَمْ يَكُنْ للمُسْلِمِيْنَ شِرَاؤُهُمْ. وإِذَا قَالَ الإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ، أو فَضَّلَ بَعْضَ الغَانِمِيْنَ عَلَى بَعْضٍ لَمْ يَجُزْ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٥)، والأُخْرَى: يَجُوزُ.

وَسَلَبُ (٦) المَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ غَيْرُ مَخْمُوسٍ إِذَا شَرَطَهُ الإِمَامُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ لَمْ يَسْتَحِقُّهُ


(١) انظر: الروايتين والوجهين ١٨٤/ أ.
(٢) فرقت المصادر التي بين يدينا بين حالتين هما:
- ما لَوْ سبي الرجل وحده، فالصحيح من المذهب أن عقد النكاح لا ينفسخ، وحكي الفسخ عن أبي الخطاب وشيخهِ أَبُو يعلى، قَالَ المرداوي ولعل أبا الخَطَّاب، اختاره في غير الهداية)).
- ما لَوْ سبيت المرأة وحدها، فالصحيح من المذهب أن العقد ينفسخ، وَقَالَ أبو الخطاب: لا ينفسخ. انظر: الإنصاف ٤/ ١٣٦.
(٣) انظر: الإنصاف ٤/ ١٣٦ - ١٣٧.
(٤) انظر: الكافي ٤/ ٢٧٢.
(٥) انظر: الروايتين والوجهين ١٨٩/ أ.
(٦) السَّلَبُ: هُوَ ما يكون عَلَى المقاتل من ثياب وسلاح ودابة وغيرها. انظر: تاج العروس ٣/ ٧٠، وسيُعَرِّف بِهِ المصنف بعد قليل.

<<  <   >  >>