للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضِعْفَي مَا يُؤْخَذُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الزَّكَاةِ ويَكُوْنُ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ الزَّكَاةِ لاَ حُكْمَ الجِزْيَةِ ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ (١)، ونَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللهُ -، فَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ نِسَائِهِمْ وصِبْيَانِهِمْ ومَجَانِيْنِهِمْ ورُهْبَانِهِمْ وزمنَاهِمْ (٢)، وسَوَاءٌ إِنْ كَانَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِقْدَارَ جِزْيَةٍ أَو أَقَلَّ، ومَنْ لاَ مَالَ لَهُ ولاَ شَيءَ عَلَيْهِ، ويَكُوْنُ مَصْرَفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إلى أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: مَصْرَفُهُ مَصْرَفُ الفَيءِ.

وكَذَلِكَ الحُكْمُ فِيْمَنْ تَنَصَّرَ مِنْ تَنُوخَ وبَهَرَا، أَوْ مَنْ تَهَوَّدَ مِنْ كِنَانَةَ وحِمْيَرَ، أو تَمَجَّسَ مِنْ تَمِيْمٍ، وهَلْ يُؤْكَلُ مِنْ ذَبَائِحِ مَنْ تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ، وتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وتُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ أمْ لاَ (٣)؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٤).

ومَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلاَدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا بالعَقْدِ الأَوَّلِ ولاَ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ لَهُ وتُعْتَبَرُ جِزْيَتُهُ بحَالِهِ لاَ يُجْزِيْهِ أبِيْهِ، ولاَ يَصِحُّ عَقْدُ الذِمَةِ، إِلاَّ مِنَ الإِمَامِ، أو نَائِبِهِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ، ومِنْ شَرْطِ صِحَّةِ عَقْدِهَا بَذلُ الجِزْيَةِ والتِزَامُ أَحْكَامِ المِلَّةِ، ويَجِبُ أَنْ يُقَسِّمَهَا الإِمَامُ عَلَى الطَّبَقَاتِ فَيَجْعَلُ عَلَى الفَقِيْرِ المُعْتَملِ اثْنَي عَشَرَ دِرْهَماً قِيْمَتُهَا دِيْنَارٌ، وعَلَى المُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وعِشْرُونَ دِرْهَماً، وعَلَى الغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ وأَرْبَعُونَ دِرْهَماً (٥)، وحَدُّ الغَنِيِّ في حَقِّهِمْ مَا عَدُّوهُ النَّاسُ غِنًى في العَادَةِ. وَقِيْلَ: مَنْ مَلَكَ مِئَةَ أَلْفِ درهمٍ فَهُوَ غني، ومن ملك دون مئة ألف إلى العَشْرَةِ آلاَفِ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ، ومَنْ مَلَكَ عَشْرَةَ آلاَفٍ /١٢٥ و/ فَمَا دُوْنَ فَهُوَ فَقِيْرٌ، وَقِيْلَ: مَنْ مَلَكَ نِصَاباً مِنَ الذَّهَبِ أَو الفِضَّةِ فَهُوَ غَنِيٌّ، والأَوَّلُ أَصَحُّ. وهَلْ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ ويُنْقَصُ؟ فِيْهِ رِوَايَاتٌ (٦):

إحْدَاها: للإِمَامِ الزِّيَادَةُ والنُّقْصَانُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ المَصْلَحَةِ (٧).

والثَّانِية (٨): لاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيْهَا ولاَ النُّقْصَانُ.


(١) شرح الزركشي ٤/ ٢١٦ - ٢١٧، وانظر: الروايتين والوجهين ١٩٠/ أ.
(٢) أي: مرضاهم. انظر: المعجم الوسيط: ٤٠١ (زمن).
(٣) كَذَا العبارة في الأصل، وفيها تكرار.
(٤) نقل جواز نكاح نسائهم أبو بكر المروزي وإسحاق بن منصور. انظر: أحكام أهل الملل: ١٦٣، وصححه ابن قدامة وَقَالَ: ((قَالَ إبراهيم بن الحارث فكان آخر قوله عَلَى أنه لا يرى بذبائحهم بأساً)). المغني ١٠/ ٥٩٦. وانظر: شرح الزركشي ٤/ ٢١٩.
(٥) انظر: مختصر الخرقي ١/ ١٣٢، وأحكام أهل الملل: ٩٠ و ٩١، والروايتين والوجهين ١٩٠/ أ، وطبقات الحنابلة ٢/ ٩٧.
(٦) انظر: أحكام أهل الملل: ٩٢، والروايتين والوجهين ١٩٠/ أ، وطبقات الحنابلة ٢/ ٩٧.
(٧) نقلها عن الإمام أحمد يعقوب بن بختان. انظر: أحكام أهل الملل: ٩٢، والروايتين والوجهين
١٩٠/ أ.
(٨) فِي الأصل: ((والثاني)).

<<  <   >  >>