للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَقَادِمَ رُؤُوسِهِمْ ولاَ يُفَرِّقُونَ شُعُوْرَهُمْ، ولاَ يَتَكَنُّوا بِكُنَى المُسْلِمِيْنَ: كأَبِي القَاسِمِ وأَبِي مُحَمَّدٍ وأَبِي عَبْدِ اللهِ وأَبِي بَكْرٍ ومَا أَشْبَهَهُ، ويُمْنَعُوْنَ مِنْ تَعْلِيَةِ البُنْيَانِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ. فَأَمَّا مُسَاوَاتُهُمْ فَعَلَى وَجْهَيْنِ (١). فَإِنْ ملكوا داراً عالية البنيان من مُسْلِم لَمْ يؤمروا بنقضها ويمنعون من إحداث البيع والكنائس فِي دار الإسلام وَلاَ يمنعون من بناء /١٢٧و/ مَا استهدم مِنْهَا فِي إحدى الرِّوَايَتَيْنِ والأخرى يمنعون أَيْضاً فأما رم مَا شعث فَلاَ يمنعون رِوَايَة واحدة ويمنعون من إظهار المنكر من الخمر والخنزير وضرب الناقوس والجهر بتلاوة التوراة والإنجيل فإن صولحوا فِي بلدانهم عَلَى أخذ الجزية لَمْ يمنعوا من جَمِيْع مَا ذكرنا ويمنعون من المقام بالحجاز وَهُوَ مَكَّة والمدينة واليمامة وما والاها من قراها فإن أذن لَهُمْ بالدخول فِي التجارة لَمْ يقيموا أَكْثَر من ثلاثة أيام عَلَى مَا شرط عُمَر - رضي الله عنه - وَقَالَ شَيْخُنَا يقيموا أربعة أيام حد مَا يتم المسافر الصَّلاَة فإن كَانَ لَهُ بالحجاز ديون وَكَّلَ من يقضها وينفذها إِلَيْهِ فَإِنْ مرض لَمْ يخرج حَتَّى يبرأ وإن مات دفن بِهَا وأما الحرم فَلاَ يجوز لَهُمْ دخوله بحال وسواء فِي ذَلِكَ المكلف وغير المكلف فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رسالةً خَرَجَ من قَبْلَ الإمام من يسمعها مِنْهُ فإن كَانَ لاَ بد لَهُ من لقاء الإِمَام خَرَجَ إِلَيْهِ وَلَمْ يأذن لَهُ فَإِنْ دَخَلَ مَعَ علمه يمنعه من ذَلِكَ عُزّر وإن دَخَلَ جاهلاً نهي وهُدّد فَإِنْ مرض فِي الحرم أَوْ مات أخرج وَلَمْ يقِّر فِيْهِ فَإِنْ دفن فِيْهِ نبش وأخرج إلاّ أن يَكُون قَدْ بلى وَلاَ يجوز لَهُمْ دخول بقية المساجد فِي إحدى الرِّوَايَتَيْنِ والأخرى يجوز لَهُمْ (٢) دخولها وَلَيْسَ لأهل الحرب دخول دار الإِسْلاَمِ إلاّ بإذن الإمام ذكره شَيْخُنَا وَقَالَ أَبُو بَكْر: لَهُمْ دخولها رسلاً وتجاراً وَقَدْ أومأ إِلَيْهِ أَحْمَد - رَحِمَهُ اللهُ - وإن دخلوا أخذنا مِنْهُمْ عُشر مَا معهم من الأموال وإن قُلْتُ ذكره ابْن حامد وَقَالَ شَيْخُنَا: إن كَانَ المال دُوْنَ عشرة دنانير لَمْ يؤخذ مِنْهُمْ شيء.

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحمد - رضي الله عنه - وَهِيَ (٣) رِوَايَةُ أَبِي الحَارِثِ، فَإِنِ اتَّجَرَ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلى غَيْرِ بَلْدَةٍ ثُمَّ عَادَ أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ العُشْرِ وإِنْ قَلَّ، عَلَى قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ، وعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا إِذَا كَانَ عَشرَةُ دَنَانِيْرَ فَصَاعِداً (٤)، ويُؤْخَذُ ذَلِكَ في السَّنَةِ مَرَّةً، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الحَرْبِيِّ كُلَّمَا دَخَلَ إِلَيْنَا (٥)، وعَلَى الإِمَامِ حِفْظُ أَهْلِ الذِّمَّةِ في دَارِنَا، والمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ، واسْتِنْقَاذُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ، والمُفَادَاةُ عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ يُفَادِي عَنِ المُسْلِمِيْنَ، وإِذَا


(١) انظر:: الإنصاف: ٤/ ٢٣٥.
(٢) فِي الأصل ((لَكُمْ)).
(٣) فِي الأصل ((فِي)) وأثبتناها ((وَهِيَ)) ليستقيم الكلام.
(٤) انظر: الإنصاف: ٤/ ٢٤٦.
(٥) انظر: المقنع: ٩٦.

<<  <   >  >>