للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى دَرْبٍ غَيْر نَافِذٍ إلاَّ بإذْنِ أهْلِهِ (١)، وَكَذَلِكَ لا يُشْرِعُهُ إلى مُلْكِ إنْسَانٍ فإنْ / ١٦٤ ظ / صَالَحَهُ الْمَالِكُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ شَيْخُنَا: لا يَجُوزُ، وَعِنْدِي أنَّهُ يَجُوزُ، وإنْ صَالَحَ رَجُلاً عَلَى أنْ يُجْرِيَ عَلَى سَطْحِهِ أو أرْضِهِ، فإنْ كَانَ مَعْلُوماً جَازَ، وإنْ حَصَلَتْ أغْصَانُ شَجَرَتِهِ في هَوَاءِ غَيْرِهِ فَطَالَبَهُ بإزَالتِهَا لَزِمَهُ، فإنْ امْتَنَعَ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّارِ قَطْعُهَا، فإنْ صَالَحَهُ عن ذَلِكَ بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ؛ لأنَّ هَذَا مِمَّا يَزِيْدُ ويَتَغَيَّرُ بِخِلافِ الْجَنَاحِ، فإنْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِي دَرْبٍ غَيْر نَافِذٍ وَبَابها فِي آخِرِ الدَّرْبِ، فَأَرَادَ أنْ يُقَدِّمَهُ إِلَى أوَّلِ الدَّرْبِ أو وَسَطَهُ جَازَ، وَكَذَلِكَ إنْ (٢) كَانَ في أوَّلِ الدَّرْبِ، فَأَرَادَ أن يُؤَخِّرَهُ إلى وَسَطِهِ أو آخِرِهِ لَمْ يَجُزْ إلاَّ بِرِضا الْجِوَارِ، فإنْ كَانَ ظَهْرُ دَارِهِ إلى دَرْبٍ لا يَنْفُذُ، فأرَادَ أنْ يَفْتَحَ باباً في حَائِطِهِ إلى الدَّرْبِ لِغَيْرِ الاسْتِطْرَاقِ جَازَ، وإنْ فَتَحَهُ للاسْتِطْرَاقِ لَمْ يَجُزْ، فإنْ صَالَحَهُ أَهْلُ الدَّرْبِ عَلَى ذَلِكَ بِعِوَضٍ جَازَ، وإذا ألْجَأتْهُ الضَّرُورَةُ إلى وَضْعِ خَشَبَةٍ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ مِثْل أنْ يَكُونَ لِجَارِهِ ثَلاثَةُ حِيْطَانٍ وله حَائِطٌ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ لا يَضُرُّ بِالْحَائِطِ نَصَّ عَلَيْهِ (٣)، ونَقَلَ عَنْهُ أبو طَالِبٍ (٤): لَيْسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ في جِدَارِ الْمَسْجِدِ (٥)، وهذا تَنْبِيْهٌ عَلَى أنَّهُ لا يَجُوزُ في مُلْكِ الْجَارِ؛ لأنَّ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ حَقاً؛ ولأنَّ حُقُوْقَ اللهِ تَعَالَى مَبْنِيِّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، ولا حَقَّ لَهُ في حَقِّ الْجَارِ، وَحَقُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضِّيْقِ فإنْ صَالَحَهُ عَلَى وَضْعِ خَشَبَةٍ بِعِوَضٍ جَازَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ، ولا يَجُوزُ أنْ يَفْتَحَ في الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ رَوْزَنَةً (٦) ولا طَاقاً إلاَّ بإذْنِ شَرِيْكِهِ، وإذا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ أو سَقْفٌ فاسْتَهْدَمَ، فَدَعَا أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إلى البِنَاءِ وامْتَنَعَ الآخَرُ أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٧)، والأخْرَى لا يُجْبَرُ، ولَكِنْ إذَا أَرَادَ أنْ يَبْنِيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ فإنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَهُوَ


(١) انظر: المغني ٥/ ٣٤.
(٢) فِي الأصل: ((وإنْ)).
(٣) قَالَ المرداوي في الإنصاف ٥/ ٢٦٠: ((الصَّحِيح من المذهب: أن الجار يمنع من التصرف في ملكه بما يضر بجاره، كحفر كنيف إلى جنب حائط جاره، وبناء حمام إلى جنب داره يتأذى بذلك، ونصب تنور يتأذى باستدامة دخانه، أو حفر بئر ينقطع بِهِ ماء بئر جاره، ونحو ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ جماهير الأصحاب)) مسائل عَبْد الله ٣/ ١٠٠٣، والأحكام السلطانية: ٢٨٦.
(٤) وهذا اختيار أبي بَكْر. المغني ٥/ ٣٧.
(٥) انظر: المغني ٥/ ٣٧، وكشاف القناع ٣/ ٣٩٩.
(٦) هِيَ الخرق في أعلى السقف. انظر: لسان العرب ١٣/ ١٧٩، وتاج العروس ٩/ ٢١٥ (رزن).
(٧) نقل ابن القاسم، وحرب، وسندي: أنه يجبر عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ أصح، وَقَالَ ابن عقيل: وعلى ذَلِكَ أصحابنا. والرواية الثانية: لا يجبر نقل عن أحمد مَا يدل عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أقوى دليلاً.
المغني ٥/ ٤٥.

<<  <   >  >>