للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاسْتِئْجَارُ عَلَى القِصَاصِ /١٨٩ و/ في النَّفْسِ والطَّرفِ والأُجْرَةُ عَلَى المُقْتَصِّ مِنْهُ، وإِذَا قَالَ لَهُ: إِنْ خِطْتَ لي هَذَا الثَّوْبَ اليَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وإِنْ خِطْتَهُ غَداً فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَمْ تَصِحَّ الإِجَارَةُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وتَصِحُّ في الأُخْرَى (١)، فَإِنْ قَالَ: إِنْ خِطْتَهُ رُوْمِيّاً فَلَكَ دِرْهَمٌ، وإِنْ خِطْتَهُ فَارِسِيّاً فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ (٢) بِنَاءً عَلَى المَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وكَذلِكَ إِذَا قَالَ: أجَرْتُكَ هَذَا الحَانُوتَ إِنْ قَعَدْتَ فِيهِ خَيَّاطاً بِخَمْسَةٍ، أو حَدَّاداً بِعَشرَةٍ يُخَرَّجُ عَلَى الوَجْهَيْنِ، فَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً فَقَالَ: إِنْ رَدَدْتَهَا اليَوْمَ فَكِرَاهَا خَمْسَةٌ، وإِنْ رَدَدْتَهَا غَداً فَكِرَاهَا عَشرَةٌ، فَقَالَ في رِوَايَةِ عَبْدِ اللهِ: لاَ بَأْسَ (٣)، وكَذلِكَ نَقَلَ أَبو الحَارِثِ في رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَشرَةَ أَيَّامٍ بِعَشرَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ حَبَسَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ بِكُلِّ يَومٍ دِرْهَمٌ فَهُوَ جَائِزٌ (٤)، وَقَدْ تَأَوَّل شَيْخُنَا هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ، وجَائِزٌ في الأَوَّلِ، ويَبْطُلُ في الثَّانِي (٥)، والظَّاهِرُ: أَنَّ قَوْلَهُ يَرْجِعُ إلى مَا فِيهِ الإشْكَالُ (٦)، وإِذَا اسْتَأْجَرَ لِحَمْلِ كِتَابٍ إِلى صَاحِبٍ لَهُ بِمَكَّةَ بِحَمْلِهِ فَوَجَدَ الصَّاحِبَ مَيِّتاً فَرَدَّهُ إِلَيْهِ اسْتَحَقَّ الأُجْرَةَ (٧)، وإِذَا دَفَعَ ثَوْبَهُ إلى قَصَّارِ أو خَيَّاطٍ لِيَقْصُرَهُ ويَخِيْطَهُ ففَعَلاَ ذَلِكَ


(١) انظر: الإنصاف ٦/ ٤٥، والشرح الكبير ٦/ ٦٢.
(٢) أحدهما: لا يصح، وهو المذهب.
والوجه الثَّانِي: يصح. انظر: الإنصاف ٦/ ١٩، والشرح الكبير ٦/ ٢١.
(٣) مسائل الإمام أحمد ٣/ ٩٧٢ (١٣٢٣). قَالَ ابن قدامة: وهذه الرواية تدل عَلَى صحة الإجارة. والظاهر عن أحمد برواية الجماعة: فساد العقد عَلَى قياس بيعتين في بيعة، وَقَالَ الْقَاضِي: يصح في اليوم الأول دُوْنَ الثَّانِي. الشرح الكبير ٦/ ٢٢، وانظر: الإنصاف ٦/ ١٩ - ٢٠.
(٤) انظر: الشرح الكبير ٦/ ٢٢. ونقل ابن منصور عنه فيمن اكترى دابة من مكة إلى جدة بكذا فإن ذهب إلى عرفات بكذا فَلا بأس.
وَقَالَ الْقَاضِي: يصح في العشرة وحدها.
(٥) لأن مدته غَيْر معلومة فلم يصح العقد فيه كَمَا لَوْ قَالَ استأجرتك لتحمل لي هذِهِ الصبرة وهي عَشرَة أَقفزة بدرهم وما زاد فبحساب ذَلِكَ. قَالَ ابن قدامة: قَالَ شَيْخُنا: والظاهر عن أحمد خِلاَف هَذَا، فإن قوله فهو جائز عاد إلى جَمِيْع مَا قبله وكذلك قوله: لا بأس؛ ولأن لكل عمل عوضاً معلوماً فيصح كَمَا لَوْ استقى لَهُ كُلّ دلو بتمرة، وَقَدْ ثبت الأصل بالخبر الوارد فِيهِ ومسائل الصبرة لا نَصَّ فِيْهَا عن الإمام وقياس نصوصه صِحَّة الإجارة، وإن سلم فسادها فلأن القفزان الَّتِي شرط عملها غَيْر معلومة بتعيين ولا صِفَة، وَهِيَ مختلفة فلم يصح العقد لجهالتها بخلاف الأيام فإنها معلومة. انظر: الشرح الكبير ٦/ ٢٢ - ٢٣.
(٦) نقل الإمام المرداوي في الإنصاف ٦/ ٢٠: قول المصنف بأن الظاهر عن الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - خِلاَف ذَلِكَ، وأيضاً نقل قَوْل صاحب المستوعب: بأن حكم هذِهِ المسألة حكم مَا إذا أجره عيناً كل شهر بكذا.
(٧) لأنه حمله في الذهاب بإذن صاحبه صريحاً وَفِي الرد تضمناً؛ لأن تقدير كلامه، وإن لَمْ تجد =

<<  <   >  >>