للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحِزْبَيْنِ مَنْ لاَ يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَطَلَ العَقْدُ فِيهِ وأُسْقِطَ مِنَ الحِزْبِ الآخَرِ بِإِزَائِهِ إِنِ اخْتَارَ البَاقُونَ، وإِنِ اخْتَارُوا الفَسْخَ فَسَخُوا (١)، ولاَ يَصِحُّ إلاَّ عَلَى عَدَدٍ مِنَ الرَّشْقِ مَعْلُوماً وإصابةً معلومةً، وإِنْ يَصِفَا الإِصَابَةَ فَيَقُولا حَوَابِي: وَهُوَ مَا وَقَعَ بَيْن يَدَي الغَرَضِ وحَبا إِلَيْهِ فَأَصَابَهُ، أَو خَوَاصِرَ: وَهُوَ مَا كَانَ في جَانِبَي الغَرَضِ (٢)، أو خوَاسِقَ: وَهُوَ مَا فَتَحَ الغَرَضَ وثَبَتَ فِيهِ (٣)، أو خَوارِقَ: وَهُوَ مَا خَرَقَ الغَرَضَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ، أو حَوَاصِلَ: وَهُوَ اسْمٌ للإِصَابَةِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ.

ومِنْ صِفَاتِ الإِصَابَةِ:

مَوَارِقُ: وَهِيَ الَّتِي تُنْفِذُ الغَرَضَ، وخَوَارِمُ: وَهِيَ الَّتِي تَخْرُمُ الغَرَضَ، وَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ المُنَاضَلَةِ، وأَنْ يَكُونَ الَّذِي بَيْنَ الغَرَضَيْنِ مَعْلُوماً مُقَدَّراً بما جَرَتْ بِهِ العَادَةُ مِنْ مِئَتَي ذِرَاعٍ (٤) إِلَى ثلاثِ مئة ذراع، فَإِنْ قَالاَ السَّبْقَ لأَبْعَدِنَا رَمْياً مِنْ غَيْرِ تَقْدِيْرٍ لَمْ يَصِحَّ (٥)، ولاَ بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ طُوْلِ الغَرَضِ وعَرْضِهِ وسُمْكِهِ وارْتِفَاعِهِ مِنَ الأَرْضِ ومَعْرِفَةِ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ مُنَاضَلَةٌ أو مُحَاطَّةٌ أو مُبَادَرَةٌ.

فَالمُنَاضَلَةُ: اشْتِرَاطُ إِصَابَةِ عَدَدٍ مِنْ عدَدِ فَوْقِهِ كإِصَابَةِ عَشرَةٍ مِنْ عِشْرِيْنَ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا (٦) مِنْهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا في الإِصَابَةِ أَحْرَزَا سَبْقَهُمَا، فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً والآخَرُ عَشرَةً أو أَكْثَرَ فَقَدْ نَضَلَهُ.

والمُحَاطَّةُ: أَنْ يَشْتَرِطَا حَطَّ مَا يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ مِنَ الإِصَابَةِ في رَشْقٍ مَعْلُومٍ، وإِذَا فَصَلَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةٍ مَعْلُومَةٍ فَقَدْ سَبَقَ صَاحِبَهُ، بَيَانُهُ أَنْ يَجْعَلَ الرِّشْقَ عِشْرِيْنَ ثُمَّ يُسْقِطَا (٧) مَا يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ مِنَ الإِصَابَةِ، ويُفَضِّلُ لأَحَدِهِمَا خَمْسَةً أو ثَلاَثَةً أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا ينْقصَانِ عَلَيْهِ.


(١) هكذا قَالَ أكثر الأصحاب. وقدمه في الرعاية الكبرى. الإنصاف ٦/ ٩٨.
(٢) فَلا يصح مَعَ الإبهام؛ لأن الغرض مَعْرِفَة حذق الرامي بعينه لا مَعْرِفَة حذق رامٍ في الجملة. المغني ١١/ ١٤١.
(٣) ومنه قِيلَ: الخاصرة؛ لأنها في جانب الإنسان.
(٤) لأن الإصابة تَخْتَلِف بقربها وبعدها ومهما اتفقا عَلَيْهِ جاز لا أن يجعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها وَهُوَ مَا زاد عَلَى ثلاث مئة ذراع فَلا يصح؛ لأن الغرض يفوت بِذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: إنه مَا رمى إلى أربع مئة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه -. المغني ١١/ ١٤٠.
(٥) لأن الغرض من الرمي الإصابة لاَ بُعد المسافة، فإن المقصود من الرمي إما قتل العدو أو جرحه أو الصيد أو نحو ذَلِكَ وكل هَذَا إنما يحصل من الإصابة لا من الأبعاد. المغني ١١/ ١٤١.
(٦) في المخطوطة: ((يستوفيان)).
(٧) في المخطوط: ((يسقطان)).

<<  <   >  >>