للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرَكَهَا في يَدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ (١)، فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ كَانَ غَائِباً فَلَهُ حَمْلُهَا مَعَهُ إِذَا كَانَ أَحْرَزَ لَهَا، فَإِنْ خاف عَلَيْهَا في السَّفَرِ دَفَعَهَا إلى الحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِماً فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا إلى ثِقَةٍ في البَلَدِ فَقَدْ نَصَّ في رِوَايَةِ الأَثْرَمِ (٢) لاَ يُودِعُهَا إِذَا خَافَ عَلَيْهَا.

وَقَالَ شَيْخُنا (٣): يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ دَفَعَ الوَدِيْعَةَ إِلَى مَنْ في دَارِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ /١٩٣ و/ أو أَمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وإِنْ دَفَعَهَا إلى أَجْنَبِي لِيَحْفَظَهَا ضَمِنَ، وَلَيْسَ لِلِمَالِكٍ مُطَالَبَةُ الأَجْنَبِي عَلَى ظَاهِرِ كَلاَمِهِ في رِوَايَةِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ، وَقَالَ شَيْخُنَا (٤): يَضْمَنُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وإِذَا تَدَاعَيَا تَعَدَّى في الوَدِيْعَةِ، مِثْلُ: إِنْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا، أَو ثَوْباً فَلَبِسَهُ، أو دَرَاهِمَ فَأَخْرَجَهَا لِيُنفِقَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا، أَو جَحَدَ الوَدِيْعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، أو كَانَ كِيْساً مَخْتُوماً فَكَسَرَ خَتْمَهُ وفَتَحَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ في جَمِيْعِ ذَلِكَ (٥)، وإِنْ أَوْدَعَهُ دَرَاهِمَ صِحَاحاً فَخَلَطَهَا في مُقَطَّعَةٍ لَمْ يَضْمَنْ، نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ وأَبِي بَكْرٍ (٦)، وَقَالَ في رِوَايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: إِذَا اسْتَوْدَعَ دَرَاهِمَ بِيْضاً فَخَلَطَهَا في سُودٍ ضَمِنَ، ومَعْلُومٌ أَنَّهَا تَثْمِيْنَ فَتُخَرَّجُ المَسْأَلَتَانِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَ بَعضَها فَأَنْفَقَهُ وَرَدَّ بَدَلَهُ ضَمِنَ الكُلَّ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٧)، وَفِي الأُخْرَى: يَضْمَنُ مِقْدَارَ مَا أَخَذَ، فَإِنْ أَرَادَ سَفَراً مَخْوفاً فَدَفَعَ الوَدِيْعَةَ في دَارِهِ وأَعْلَمَ بِهَا ثِقَةً يَسْكُنُ في الدَّارِ ضَمِنَ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (٨)، والآخَرُ لا يَضْمَنُ، فَإِنْ أَوْدَعَهُ بَهِيْمَةً فَلَمْ يَعْلِفْهَا حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بإِذْنِ الحَاكِمِ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ، وإِنْ أَنفقَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ مُحْتَسِباً عَلَى المَالِكِ، فَهَلْ يَرْجِعُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. فَإِنْ نَهَاهُ المَالِكُ عَنْ عَلْفِهَا فَلَمْ يَعْلِفْهَا حَتَّى مَاتَتْ أَثِمَ وَلَمْ يَضْمَنْ، فَإِنْ أَوْدَعَ صَبِيّاً وَدِيْعَةً فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ (٩)، وإنْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ، قَالَ شَيْخُنا: يَضْمَنُ (١٠)، وَقَالَ غَيْرُهُ: لا يَضْمَنُ، فَإِنْ أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَالاً عِنْدَ بَالِغٍ ضَمِنَهُ البَالِغُ، وَلَمْ يَبْرَأْ


(١) أحدهما: يضمن؛ لأن سقوط الشيء من اليد مَعَ النسيان أكثر من سقوطه من الكم.
الثَّانِي: لا يضمن؛ لأن اليد لا يسلط عَلَيْهَا الطرار. انظر: المغني ٧/ ٢٨٧.
(٢) انظر: شرح الزركشي ٣/ ٧٩.
(٣) المغني ٧/ ٢٨٨.
(٤) انظر: شرح الزركشي ٣/ ٨٠.
(٥) لأنه هتك الحرز بفعل تعدى بِهِ. المغني ٧/ ٢٩٥.
(٦) انظر: الشرح الكبير ٧/ ٢٩٣.
(٧) انظر: الكافي ٣/ ٩١.
(٨) انظر: شرح الزركشي ٣/ ٧٩.
(٩) نص عليه أحمد، وهو قول أبي حنيفة، وقال الشافعي: يضمن. انظر: المغني ٧/ ٢٨٣.
(١٠) المصدر السابق.

<<  <   >  >>