للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَرْجِعُ إِلَى وَرَثَةِ الوَاقِفِ أو إِلَى أقْرَبِ عَصَبَتِهِ، ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ (١)، وَقَالَ شَيْخُنَا: يرْجِعُ إِلَى المَسَاكِينْ بَعْدَ انْقِرَاضِ القَوْمِ (٢)، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ وَقَفْتُ وَسَكَتَ عَلَى قَوْلِ الخِرَقِيِّ يَرْجِعُ إِلَى أقَارِبِ الوَاقِفِ / ٢١٥ و / وعلى قَوْلِ الشَّيْخِ يَرْجِعُ إِلَى المَسَاكِيْنِ، فإنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لا يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ، مثل أنْ يَقِفَ عَلَى عَبِيدٍ ثُمَّ بَعْدَهُمْ عَلَى أوْلاَدِهِ، فإنْ كَانَ مَنْ لا يَجُوزُ الوَقْفُ عَلَيْهِ لا يُعْرَفُ انْقِرَاضُهُ كالمَجْهُولِ صُرِفَ الوَقْفُ إِلَى مَنْ يَجُوزُ، وإنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْرَفُ انْقِرَاضُهُ كَعِبْدٍ مُعَيَّنٍ احْتَمَلَ أنْ يصرفَ في الحالِ إِلَى مَنْ يَجُوزُ، وَقَالَ شَيْخُنا (٣) يَرْجِعُ إِلَى وَرَثَةِ الوَاقِفِ أو إِلَى أقْرَبِ العَصَبَاتِ، عَلَى اخْتِلافِ الرِّوَايَتَيْنِ، إِلَى أن يَمُوتَ العَبْدُ، ثُمَّ يُصْرَفُ إِلَى مَنْ يَجُوزُ الوَقْفُ عَلَيْهِ، فإنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ فرَدَّ المُعَيَّنُ الوَقفِ بَطَلَ حقُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ في حَقِّ المَسَاكِينِ، ويَصِحُّ الوَقْفُ بالْقَوْلِ، وبِالفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الوَقْفِ مِثْل أنْ يَبْنِيَ بَيْتاً مِنْ دَارِهِ مَسْجِداً ويأْذَنَ لِلنَّاسِ في الصَّلاةِ فِيْهِ، أو يَجْعَلَ أرضَهُ مَقْبَرَةً ويَأذَنَ في الدَّفْنِ فِيْهَا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٤) وفي الأُخْرَى (٥) لا يَصِحُّ إلا بالقَولِ، وألْفَاظُهُ سِتَّةٌ:

ثَلاَثَةٌ صريحةٌ وَهِيَ: وَقَفْتُ وحَبَسْتُ وسَبَّلتُ.

وثَلاثةٌ كِنَايَةٌ وَهِيَ: تَصَدَّقْتُ وَحَرَّمْتُ وأبَّدْتُ.

فإذا أتَى بِلَفْظِ من ألفاظ الكِنَايَةِ لَمْ يَصِحَّ الوَقْفُ حَتَّى يَنْوِيَهُ أو يُقْرِنَ إحْدَى ألْفَاظِ الوَقْفِ البَاقِيَةِ، فَيَقُولَ: تَصَدَّقْتُ بِصَدَقَةٍ مُحَرَّمَةٍ أو مُسَبَّلَةٍ أو مُؤَبَّدَةٍ، أو يَقُوْلَ: تَصَدَّقْتُ أو أبَّدْتُ أو حَرَّمْتُ أو أبَّدْتُ هَذِهِ الدارَ لا تُباعُ ولا تُوهَبُ ولا تُوْرَثُ، فإذا قَالَ ذَلِكَ، فإنْ كَانَ الوَقْفُ عَلَى آدَميٍّ مُعَيَّنٍ افْتَقَرَ إِلَى قَبُولِهِ، لأنَّهُ كالوَصِيَّةِ والهِبَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا (٦): لا يَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولِهِ، وإنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أو عَلَى المَسَاجِدِ والقَنَاطِرِ، وما أشْبَهَهُ يَفْتَقِرُ القَبُول، فإنْ كَانَ في الصِّحَّةِ كَانَ مِنْ رَأسِ المَالِ، وإنْ كَانَ في المَرَضِ اعْتُبِرَ مِنَ الثُّلُثِ. وَإِذَا شَرَطَ في الوَقْفِ الخِيَارَ أو شَرَطَ أن يَبِيْعَهُ إِذَا شَاءَ لَمْ يَصِحَّ الوَقْفُ، وَكَذَلِكَ إنْ علقَ ابْتَدَاء الوَقْفِ عَلَى شَرْط مثل أنْ يَقُوْلَ: إنْ وُلِدَ لِي ذَكَرٌ فَدَارِي وَقْفٌ، وإنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَفَرَسِي حَبِيْسٌ لَمْ يَصِحَّ. وَظَاهِرُ كَلاَمِ الخِرَقِيِّ أنَّهُ يَصِحُّ (٧)؛ لأنَّهُ قَالَ: إِذَا وقفَ بَعْدَ مَوْتِي فَلَمْ يَخْرُجْ مِن الثُّلُثِ وقفَ مِنْهُ بِمِقْدارِ الثُّلُثِ. ويَجُوزُ وَقْفُ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ فإنْ عَلَّقَ إنْهَاءَ الوَقْفِ بِشَرْطٍ، بأنْ يَقُولَ: قَدْ وَقَفْتُ دَارِي هَذِهِ إِلَى سَنَةِ لَمْ يَصِحَّ فِي أحَدِ (٨) الوَجْهَيْنِ ويَصِحَّ فِي الآخَرِ (٩) ويَنْتَقِلُ بَعْدَ السَّنَةِ إِلَى قَرَابَةِ الوَاقِفِ / ٢١٦ ظ / وَإِذَا صَحَّ الوَقْفُ زَالَ مِلْكُ الوَاقِفُ عنِ الرَّقَبَةِ، وهَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الوَقْفِ إخْرَاجُهُ عَنِ يَدِ الوَاقِفِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (١٠)، وهَلْ تَدْخُلُ الرَّقَبَةُ فِي مِلْكِ مَنْ وقفَ عَلَيْهِ؟ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ وَقَفَ أرْضاً أو غَنَماً فِي السَّبِيلِ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلاَ عُشْرَ هَذَا فِي السَّبِيْلِ إنَّمَا يَكُونُ


(١) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٨٩/ب، المغني ٦/ ٢١٤ - ٢١٧، شرح الزركشي ٢/ ٦٠٩.
(٢) الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٩٠/ب، المغني ٦/ ٢١١، الزركشي ٢/ ٦١٠.
(٣) المقنع: ١٦٢، المغني ٦/ ٢١٨، الشرح الكبير ٦/ ٢٠١، الإنصاف ٧/ ٢٩.
(٤) المغني ٦/ ١٩١، الشرح الكبير ٦/ ١٨٦.
(٥) المغني ٦/ ١٩٠، الشرح الكبير ٦/ ١٨٧، الإنصاف ٧/ ٤، ٥.
(٦) انظر: المغني ٦/ ٢٣٩، الشرح الكبير ٦/ ٢٠٠، شرح الزركشي ٢/ ٦١٩، الإنصاف ٧/ ٢٦.
(٧) انظر: المغني ٦/ ٢٢١، الشرح الكبير ٦/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٨) في الأصل: ((إحدى)).
(٩) انظر: المغني ٦/ ٢٢١، المحرر في الفقه ١/ ٣٦٩، الزركشي ٢/ ٦١٢، الإنصاف ٧/ ٣٥.
(١٠) انظر: الزركشي ٢/ ٦٠٦، الإنصاف ٧/ ٣٦.

<<  <   >  >>