للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمِيْعُهُ بالعِتْقِ وَلَمْ تُجْزَ الوَرَثَةُ جُزِيَ الرَّقِيقُ ثَلاثَةَ أجْزَاءٍ وأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الجِزْيَةِ عَلَيْهِ عتق ورَقَّ البَاقُونَ / ٢٢٢ ظ / فأمّا العَطَايَا المُعَلَّقَة بالمَوْتِ، فَهِيَ وَصَايَا مُعْتَبَرَةً مِنَ الثُّلُثِ. سَوَاءٌ وَقَعَتْ في الصِّحَّةِ أو المَرَضِ، ويَسْتَوِي فِيْهَا المُتَقَدِّمُ والمُتَأخِّرُ. نَصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ الجَمَاعَةِ (١)، ونَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلُ: إِذَا وَصَّى وَهُوَ صَحِيْحٌ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ في مَالِهِ بِما شَاءَ، وإنْ كَانَ مَرِيْضاً جَازَ فِيْهَا الثُّلُثُ (٢). فَظَاهِرُهُ أنَّهُ جَعَلَ الوَصِيَّةَ في الصِّحَّةِ كالعَطِيَّةِ المُنْجَزَةِ ينفذُ مِنْ جَمِيْعِ المالِ والأوَّلُ أصَحُّ. فأمَّا الوَصِيَّةُ بالوَاجِبَاتِ كالحَجِّ والزَّكَاةِ والكَفَّارَةِ وقَضَاءِ الدُّيُونِ فكلُّ ذَلِكَ مِنْ رأسِ المَالِ، فإنْ قَالَ أدُّوا ذَلِكَ من ثُلُثِي، أفَادَت وَصِيَّتُهُ أنْ يُزَاحِمَ بِذَلِكَ أصْحَابَ الوَصَايَا ويَتَوَفَّرَ الثلثان عَلَى الوَرَثَةِ، فإنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عن المُوصَى بِهِ مِن الوَاجِبَاتِ تُمِّمَ ذَلِكَ مِن الثُّلُثَيْنِ، فأمَّا مُعَاوَضَةُ المَرِيْضِ بِثَمَنِ المِثْلِ فَهِيَ صَحِيْحَةٌ مِنْ رأسِ المَالِ، ولا فَرْقَ بَيْنَ الوَارِثِ والأجْنَبِيِّ. ويُحْتَمَلُ أن لا يَصِحَّ مَعَ الوَارِثِ إلا أنْ تجيزَ بَقِيَّةَ الوَرَثَةَ فأمَّا قَضَاءَ هُ لِبَعْضِ الغُرَمَاءِ فَيَصِحُّ في المَنْصُوصِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَصِحَّ إلاَّ قَضَاءَ هَمْ بالسَّوِيَّةِ، ولا يَصِحُّ رَدُّ الوَرَثَةِ وإجَازَتِهِمْ لِلْوَصِيَّةِ في حَالِ حَيَاةِ (٣) المُوصِي، وإنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ، ومَنْ أجَازَ الوَصِيَّةَ ثُمَّ قَالَ أجَزْتُ الزِّيَادَةَ لأنِّي ظَنَنْتُ أنَّ المَالَ قَلِيْلٌ، فَالْقَولُ قَولُهُ مَعَ يَمِيْنِهِ في الزَّائِدِ عَلَى ما ظَنَّهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَةٌ تشْهَدُ بأنَّهُ كَانَ عَالِماً بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ حِيْنَ إجَازَتِهِ. ويُحْتَمَلُ أن لا يَقْبَلَ رُجُوعَهُ، لأنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّ الغَيْرِ ولا تَنْعَقِدُ الوَصِيَّةُ إلاّ بإيْجَابٍ، كَقَوْلِهِ أوْصَيْتُ لِفُلانٍ أو أعْطُوهُ أو ادْفَعُوا لَهُ مِنْ مَالِي كَذَا. وقَبُولَ المُوْصَى بَعْدَ مَوتِ المُوصِيْ، فأمَّا قَبُولَهُ وَرَدُّهُ في حَالِ المُوصِي فَلاَ اعْتِبَارَ بِهِ، فإنْ ماتَ المُوْصَى لَهُ قَبْلَ مَوتِ المُوْصِي بَطَلَت الوَصِيَّةُ، وإنْ مَاتَ بَعْدَهُ وقَبْلَ القبول، قام وارثه مقامه فِي القَبُولِ والرَّدِّ، اخْتَارَهُ الخِرَقِيُّ (٤) وَقَالَ شَيْخُنَا: تَبْطُلُ الوَصِيَّةُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ في خَيَارِ الشُّفْعَةِ وخَيَارِ الشَّرْطِ (٥)، وعندِي أنَّهُ يَتَخَرَّجُ في جَمِيْعِ الخَيَارَاتِ وجهان ولا تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَن اعْتُقِلَ لِسَانُهُ بالإشَارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ (٦)، ويُحْتَمَلُ أنْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ بالإشَارَةِ، إِذَا اتَّصَلَ باعتِقَالِ لِسَانِهِ المَوتُ (٧)، كَمَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ


(١) انظر: الهادي: ١٤٧، المغني ٦/ ٥٩٢، كشاف القناع ٤/ ٣٧٧.
(٢) انظر: الشرح الكبير ٦/ ٤٣٨.
(٣) في الأصل: ((حيوة)).
(٤) واستدل الخِرَقِيّ عَلَى قوله هَذَا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تَرَكَ حقاً فلورثته)). انظر: المقنع: ١٧٠، المغني ٦/ ٤٣٩، الزركشي ٢/ ٦٦٠، الإنصاف ٧/ ٢٠٥.
(٥) وَهُوَ قَوْل ابن حامد والشريف والشيرازي وغيرهم، انظر: المقنع: ١٧٠، المغني ٦/ ٤٣٩، الزركشي ٢/ ٦٦٠، الإنصاف ٧/ ٢٠٦.
(٦) انظر: المقنع: ١٦٩، انظر: الشرح الكبير ٦/ ٤٢٠، انظر: الإنصاف ٧/ ١٨٧.
(٧) وَهُوَ قَوْل ابن عقيل، انظر: الشرح الكبير ٦/ ٤٢٠، الإنصاف ٧/ ١٨٧.

<<  <   >  >>