للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ تَقْدِيْمَ الخِدْمَةِ عَلَى المَالِ أو تَأْخِيْرَهَا، وتُعْتَبَرُ الكِتَابَةُ في الصِّحَّةِ مِنْ رَأْسِ المَالِ، وفي المَرَضِ مِنَ الثُّلُثِ، وتَنْعَقِدُ الكِتَابَةُ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا، وإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَتَيْتَ إِلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ (١) عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ في التَّدْبِيْرِ، ويَحْتَمِلُ أَنْ لاَ يَصِحَّ حَتَّى يَقَوْلِ ذَلِكَ أو يَنْوِيَهُ والمكاتبة تجمع (٢) مُعَاوَضَةً وصِفَةً عَلَى ضَرْبَيْنِ:

صَحِيْحَةٌ وفَاسِدَةٌ، فَالصَّحِيْحَةُ يَغْلُبُ فِيْهَا حُكْمُ المُعَاوضَةِ في أَحْكَامٍ تُحَالُ /٢٤٨ ظ/ فِيْهَا الفَاسِدَةُ ويَغْلِبِ فِيْهَا حُكْمُ الصِّفَةِ مِنْ ذَلِكَ أنَّهُ في الصَّحِيْحَةِ يُعْتَقُ بالإِبْرَاءِ مِنْ مَالِ الكِتَابَةِ، وإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخِ الكِتَابَةُ بَلْ إِذَا أَدَّى إِلَى وَارِثِهِ عُتِقَ ومَا يَكْسِبُهُ قَبْلَ الأَدَاءِ لاَ يُمَلِّكُهُ السَّيِّدُ التَّصَرُّفَ فِيْهِ ومَا يَفْضُلُ في يَدِهِ بَعْدَ الأَدَاءِ يَكُوْنُ لَهُ دُوْنَ سَيِّدِهِ. وإِذَا جُنَّ السَّيِّدُ أَو حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ لَمْ تَبْطُلِ الكِتَابَةُ ويَقَعُ العَقْدُ لاَزِماً (٣)، لاَ يَلْزَمُ السَّيِّدُ فَسْخَهُ مَا لَمْ يَعْجِزِ السَّيِّدُ، وعَجْزُهُ يَحْصُلُ بِأَنْ نَجَمَ فَلاَ يُؤَدِّيهِ، وَعَنْهُ: لاَ يَعْجِزُ إِلاَّ أَنْ يَحِلَّ نَجْمَانِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ وأَبِي بَكْرٍ (٤)، وَعَنْهُ: لاَ يَعْجِزُ حَتَّى يَقُوْلَ: قَدْ عَجَزْتُ (٥)، فَأَمَّا العَبْدُ فَلاَ يَمْلِكُ تَعْجِيْزَ نَفْسِهِ إِذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي، وَعَنْهُ: أنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: أَنْ يُعْتَقَ بِمِلْكِ الوَفَاءِ، ذَكَرَهَا الخِرَقِيُّ (٦) فَأَمَّا الفَاسِدَةُ فَلاَ يَقَعُ العِتْقُ فِيْهَا بالإِبْرَاءِ أو بِالأَدَاءِ إِلَى الوَارِثِ إِلاَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ (٧) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بالأَدَاءِ إِلَى الوَارِثِ ومَا في يَدِهِ قَبْلَ الأَدَاءِ يَمْلِكُ السَّيْدُ أَخْذَهُ والتَّصَرُّفَ فِيْهِ ومَا يَفْضُلُ في يَدِهِ بَعْدَ القَضَاءِ يَكُوْنُ للسَّيِّدِ، وإِذَا جُنَّ أَو حُجِرَ عَلَيْهِ انْفَسَخَتِ الكِتَابَةُ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ: لاَ تَنْفَسِخُ ولاَ يَلْزَمُ العَقْدُ فِيْهَا وكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ فَسَخَهُ (٨)، فأَمَّا الأَوْلاَدُ فَيَتْبَعُونَ في الصَّحِيْحَةِ، وهَلْ يَتْبَعُونَ في الفَاسِدَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ (٩).

ويَجُوزُ للأَبِ والوَلِيِّ أَنْ يُكَاتِبَا عَبْدَ الصَّغِيْرِ ويَعْتِقَاهُ عَلَى مَالٍ إِذَا رَأَيَا المَصْلَحَةَ في


(١) قَالَ صاحب الإنصاف ٧/ ٤٤٨ - ٤٤٩: هَذَا المذهب، وَعَلَيْهِ الأصحاب.
قَالَ الزركشي: وَهُوَ المذهب المجزوم بِهِ لعامة الأصحاب، وجزم بِهِ في الوجيز وغيره، وقدمه المذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة، والهادي، والكافي، والمحرر، والرعايتين، والنظم، والحاوي الصغير، والفروع، والفائق، وغيرهم.
(٢) انظر: المصدر السابق ٧/ ٤٤٩.
(٣) انظر: المغني ١٢/ ٣٤١ - ٣٤٢.
(٤) انظر: الشرح الكبير ١٢/ ٣٥٧.
(٥) انظر: المقنع: ٢٠٤.
(٦) انظر: المصدر السابق.
(٧) الإنصاف ٧/ ٣٤٦.
(٨) انظر: الشرح الكبير ١٢/ ٣٥٧.
(٩) الإنصاف ٧/ ٣٤٦.

<<  <   >  >>