للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَمِيْصاً مِنْ قُمْصَانِهِ، أو عِمَامَةً مِنْ عَمَائِمِهِ، أو دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أو حِمَاراً مِنْ حُمُرِهِ.

فَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، فَقَالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ هَاهُنَا ويَكُونُ لَهَا الوَسَطُ مِنَ العَبِيْدِ (١)، وهوَ والسِّنْدِيُّ (٢) عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ مُهَنَّا.

والصَّحِيْحُ هَاهُنَا أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ (٣) بِحَالٍ ويَكُونُ لَهَا مَهْرُ المِثْلِ؛ لأَنَّهُ يُبْعِدُ الوُصُولُ إِلَى الوَسَطِ كَمَا يُبْعِدُ في ثَوْبٍ وحَيَوَانٍ وشَجَرَةٍ، فَإِنْ جَاءهَا بِقِيْمَةِ العَبْدِ أو تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَجَاءهَا بِقِيْمَتِهِ، فَقَالَ شَيْخُنَا: يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذَلِكَ، وعِنْدِي: لاَ يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ (٤)، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى طَلاَقِ زَوْجَةٍ لَهُ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ واسْتَحَقَّتْ مَهْرَ المِثْلِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وفي الأُخْرَى: يَصِحُّ (٥) ذَلِكَ، فَإِنْ فَاتَ طَلاَقُهَا بِمَوْتِهَا فَقِيَاسُ المَذْهَبِ أنَّهَا تَسْتَحِقُّ مَهْرَ المُتْعَةِ.

فَإِنْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في عَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى أَلِفٍ صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ وقُسِّمَتِ الأَلْفُ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ عَلَى قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ وشَيْخِنَا (٦)، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ (٧): يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَرْبَاعاً، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ سِرّاً وعَقَدَ في العَلاَنِيَّةِ بِمَهْرٍ غَيْرِهِ، فَقَالَ الخِرَقِيُّ (٨): يُؤْخَذُ بالعَلاَنِيَّةِ، وإِنْ كَانَ السِّرُّ يُعْقَدُ بهِ النِّكَاحُ، وهوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ- في رِوَايَةِ الأَثْرَمِ وغَيْرِهِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا (٩): إِنْ تَصَادَقَا عَلَى نِكَاحِ السِّرِّ بِمَهْرِ السِّرِّ لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ، وحُمِلَ كَلاَمُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ - والخِرَقِيُّ عَلَيْهِ إذَا اخْتَلَفَا، فَإِنْ قَالَتِ المَرْأَةُ تَزَوجني بينِكَاحَيْنِ فَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ المَهْرَيْنِ، وَقَدْ قَامَتِ البَيِّنَةُ بالعَقْدَيْنِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ هوَ نِكَاحٌ وَاحِدٌ أسْرَرْتُهُ ثُمَّ أَظْهَرْتُهُ، فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِيْنِهَا؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ أنَّ العَقْدَيْنِ صَحِيْحَانِ، فَإِنْ زَوَّجَ الأَبُ ابْنَتَهُ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ النِّكَاحُ وثَبَتَ المُسَمَّى، وإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ.

وإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الأَبِ بِذَلِكَ بِإِذْنِهَا صَحَّ ولَمْ يَكُنْ لِبَقِيَّةِ الأَوْلِيَاءِ الاعْتِرَاضُ، وإِنْ


(١) انظر: الإنصاف ٨/ ٢٣٧.
(٢) جَاءَ فِي المغني: ٨/ ٢١: ((والوسط من العبيد السندي لأن الأعلى التركي والرومي، والأسفل الزنجي والحبشي، والوسط السندي والمنصوري)). ... =
= والظاهر أن هَذِهِ التسمية جاءت من بلاد السِّنْد الَّتِي تقع فِي الشمال الغربي من الهند الَّتِي يسكنها قَوْمُ يسموه بالسند. انظر: المعجم الوسيط: ٤٥٤.
(٣) وهو اختيار أبي بكر. انظر: الإنصاف ٨/ ٢٣٧.
(٤) انظر: المغني ٨/ ١٨.
(٥) الرواية الأولى نقلها مهنّا، والثانية نقلها يعقوب بن بختيان. انظر: الروايتين والوجهين ١٢٢/ ب.
(٦) انظر: المغني ٨/ ٨٣.
(٧) انظر: المغني ٨/ ٨٤.
(٨) انظر: المغني ٨/ ٨١.
(٩) انظر: المغني ٨/ ٨٢، والهادي: ١٦٦.

<<  <   >  >>