للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتلوا حتمَاً، وهل يُصْلَبون؟ عَلَى روايتينِ (١) وإن قَتَلوا غيرَ مُكافيءٍ فهل يُقْتَلون أم لا؟ عَلَى روايتينِ (٢)، وإن قَتَلَوا وأخذَوا المالَ، قُتِلوا وصُلبوا حَتمَاً، وعنه: أنَّهم يُقْطعونَ، ويقتلونَ، ذكرهُ شيخُنا فِي " المجردِ "، ولا توقيتَ فِي الصَّلبِ إلا أنهم يُصلبونَ بمقدارِ مَا يُشْهَرُ صلبُهم، وَقَالَ أبو بَكْر: مقدارُ مايقَعُ عَليهِ اسم الصَّلبِ، وإن جَنى قاطعُ الطريقِ جنايةً توجبُ القصاصَ فيما دونَ النفسِ، فهل يتحتمُ القصاصَ فيها؟ يحتملُ وَجهينِ (٣) ولايسقط حكمُ الجرحِ بالقتلِ فِي المحارِبةِ، بل إِذا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وقتَلَ آخرَ قُطِعَ ثُمَّ قتل. فإن قَطع يسارَ رجلٍ ثُمَّ أخذ المالَ قُطِعت يسارُهُ قِصاصاً، وَقُطِعَت رجلُه اليسرى. وهَلْ تُقْطَعُ يَدُهُ اليُمْنى؟ بنيَ عَلَى الرَّوايتينِ فِي السَّارِقِ، إن قُلْنَا لا نقطعُ أرْبَعَتَهُ لَمْ تُقْطعْ يُمْناه هَاهُنا، وإنْ قُلْنَا تُقْطعُ أربَعَتُهُ قَطِعتْ يُمْناهُ وإذا اجْتَمَعَتْ عَلِيهِ حُدودُ اللهِ تعالى من جنْسٍ، مثل إن زنا مِراراً أو سرقَ مراراً حُدَّ لكلِّ جنسٍ حَّدٌ واحدٌ، وكذلك إذا كَانَتْ من أجناسٍ وَفيها قَتْلٌ مثل إن سرقَ وزنا وشرِبَ الخمرَ وقَتَلَ فِي المحاربةِ، قُتِلَ وسَقَطَت /٣٩٤ ظ/ بقيةُ الحدودِ، وإن لَمْ يكن فيها إستُو فيَتْ جميعها، وكذلك إن كَانَتْ جميعها للآدميين إستوفيت، سواءٌ كَانَ فيها قَتْلٌ أو لَمْ يكنْ، وإن كَانَ بعضها للآدميِّ وبعضها لله تعالى بُديءَ بَحقّ الآدمي، نحو أن يقذِفَ ويَقطَعَ يدَ مكافٍ ويزنيَ ويشربَ الخمرَ، فإنا نقطعُ يدَهُ قِصاصَاً، فإذا بَرِيءَ حَدَدناه للقذفِ إذا قلنا هُوَ حقُّ آدميٍ، فإذا بَريء يحدُّ للشُربِ، وإذا بريء يحدُّ للزنا وإذا تابَ المحاربُ قبلَ أن يقدرَ عَلِيهِ سقطَ عَنْهُ كُلَّمَا كَانَ حقاً لله تعالى من أحكام القَطْعِ والقَتْلِ والصَّلْبِ وَيُسْتَوْفى مِنْهُ مَا كَانَ حقاً للآدمي، من


(١) فإنهم يقتلون ولا يصلبون، وعن أحمد رِوَايَة أخرى أنهم يصلبون؛ لأنهم محاربون، يجب قتلهم فيصلبون كالذين أخذوا المال قَالَ ابْن قدامة: والأولى أصح؛ لأن الخبر المروي فيهم، قَالَ فِيهِ: ((ومن قتل ولم يأخذ المال قتل)) ولم يذكر صلبا، ولأن جنايتهم بأخذِ المال مَعَ القتل تزيد عَلَى الجناية بالقتل وحده، فيجب أن تكون عقوبتهم أغلظ، ولوشرع الصلب هاهنا؛ لاستويا. انظر: المغني ١٠/ ٣٠٩ - ٣١٠.
(٢) انظر: المغني ١٠/ ٣٠٧، وشرح الزركشي ٤/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) أحدهما: - لايتحتم؛ لان الشرع لَمْ يرد بشرع الحد فِي حقه بالجرح فان الله تعالى ذكر فِي حدود المحاربين القتل، والصلب، والقطع، والنفي فَلَمْ يتعلق بالمحاربة غيرها فلا يتحتم بخلاف القتل، فأنه حد فتحتم كسائر الحدود، فحينئذ لايجب فِيهِ أَكْثَر من القصاص والثاني: - يتحتم؛ لان الجرح تابعة للقتل، فيثبت فيها مثل حكمه ولانه نوع قود اشبه القود فِي النفس والأولى أولى، وإن جرحه جرحاً لا قصاص فِيهِ كالجائفة فليس فيه الا الدِّيَّة، وإن جرح انسانا وقتل آخر اقتص مِنْهُ للجراح وقتل للمحاربة.
انظر: المغني ١٠/ ٣١٠.

<<  <   >  >>