للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُجْرَةً بِحَالٍ فَأمَّا مَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ لهُ أَخْذُ الأجْرَةِ وَأَصْلُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أصَحُهُمَا أنْ لا يَجُوزَ أَخْذُ الأُجْرَةِ (١) وَأصْلُ ذَلِكَ أَخذُ الأجرَةِ عَلَى القرْبِ، وَيَجِبُ الإشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، وَعَنْهُ لا يَجِبُ ذَلِكَ وَيُستَحَبُ الإشْهَادُ عَلَى سَائِرِ العُقُودِ كَالبَيعِ وَالإجَارةِ وَنَحِوهِمَا وَلاَ يَجبُ وَمَنْ كَانَتْ عِندَهُ شَهَادةٌ في حدٍ للهِ تَعَالَى لَمْ يُسْتَحَبْ لَهُ أنْ يُقِيمَها وَيُبَاحُ لَهُ إقَامَتهَا، وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لآدَمي وَهُوَ لا يَعْلَمُ بِهَا فَالمسْتَحبُ لهُ أنْ يُعَلِّمَهُ، فإنْ سَألَهُ إقامَتَها أقَامَهَا، وَيَجُوزُ لَهُ أنْ يُقِيمَهَا قَبْلَ أنْ يُعَلمَهُ فأمّا إنْ كَانَ مَنْ لَهُ الشَّهادَةُ يَعْلَمُ بِهَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِهَا قَبْلَ أنْ يَسْألَهُ فلا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أنْ يَشهَدَ إلاّ بِمَا يَعلَمُهُ حَالَ التَّحَمُلِ وَالعِلْمُ يَحْصُلُ لَهُ في ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

إمَّا بالمعَايَنَةِ أو بالسَمَاعِ، فأمَّا المُعَايَنَةُ فَتَختَصُ بِالفِعلِ مِثْل أنْ يَراهُ قَدْ قَتَلَ أو سَرَقَ أو غَصِبَ أو زَنَا أو لاطَ أو شَرِبَ الخَمْرَ أو يَرَى المَرأةَ أرْضَعَتْ أو وَلَدتْ وَنحوُ المَشْهُودِ عَلَيْهِ الافْعَالُ، وأمّا السَّمَاعُ فَعَلَى ضَربَينِ سَمَاعٌ مِنَ المَشهُودِ عَلَيْهِ نَحْوُ أنْ يَقَولَ عِندَهُ أو يَسْمَعَهُ /٤٥٠ ظ/ يَعقدُ العُقودَ أو يُخبرُ عن أفعالِهِ وأقوالِهِ وَقَدْ قَالَ أحمدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: لا يَشهدُ عَلَى وَصيةٍ مَختومةٍ حَتَّى يَعلمَ مَا فِيها (٢) لأنَّ البيّنةَ إنَّما سُميتْ بَينةً لأنَّها تُبيِّنُ مَا يَشهدُ بِهِ، وسماعٌ مِن جِهةِ الأخبارِ المستَفِيضَةِ بَيْنَ النَّاسِ الَّتِي يَتعذرُ عِلمُها في الغَالبِ إلاّ مِن جِهةِ الإسْتفَاضَةِ كالنَّسبِ والموتِ والملكِ والنِّكاحِ والوَقفِ [وَمَصرفِهِ] (٣) والعِتقِ والوَلاءِ والوِلايةِ والعَزلِ والخَلعِ وما أشبَهَ ذَلِكَ.

ولا تُقبَلُ الاسْتِفاضَةُ إلاّ مِن عَددٍ يَقعُ العِلْمُ بِخبَرِهِمْ وَهُوَ ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ والخِرقي (٤)، وَقَالَ شَيْخُنَا: في " المجرَّدِ " يُسمعُ مِن عَدلينِ فَصاعِداً (٥) فإنْ سَمِعَ إنساناً يُقِّرُ بِنَسبِ أبٍ أو ابنٍ فإنْ صدَّقَهُ المقرُ لَهُ جازَ أنْ يَشهدَ بِذَلِكَ وإنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَشهدْ وإنْ سَكتَ جازَ أنْ يَشهدَ بِهِ واحْتَملَ أنْ لا يَشهدَ حَتَّى يَتكرْرَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَأى شَيئاً في يَدِ إنسانٍ يَتصرَّفَ فِيهِ تَصرُفَ المالكينَ في أملاكِهِمْ مِن النَّقضِ والبِنَاءِ وَالإجارَةِ والإعارَةِ ونحوِ ذَلِكَ جازَ أنْ يَشهدَ لَهُ بالمِلكِ ويَتحملَ أنْ لا يَشهدَ لَهُ إلاّ باليَدِ والتَّصرفِ، ويَجوزُ لِلأعمَى أنْ يَتحمَّلَ الشَّهادَةَ ويَشهدَ بِهَا فِيْمَا طَريقُهُ السَّمَاعُ مِن الإقرارِ والعُقودِ والطَّلاقِ


(١) انظر: المقنع: ٣٤٤، الشرح الكبير ١٢/ ٥.
(٢) انظر: الكافي ٤/ ٥٤٦.
(٣) في الأصل ((مرفه))، انظر المقنع: ٣٤٤.
(٤) انظر: المقنع: ٣٤٤، المغني ١٢/ ٢٤، المحرر ٢/ ٢٤٥، والشرح الكبير ١٢/ ١٢.
(٥) انظر: المقنع: ٣٤٤، المغني ١٢/ ٢٤، قَالَ صاحب المحرر: والأصح: أَنَّهُ حَتَّى وثق بمن اخبره وسكنت نَفْسه إِليهِ فليشهد وإلاّ فَلاَ.
انظر: المحرر ٢/ ٢٤٥.

<<  <   >  >>