للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَى: غَالِبَهُ (١).

وَقَالَ شَيْخُنَا (٢): هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْتَدِأَةِ؛ لأَنَّهَا لا عَادَةَ لَهَا، ولا تَمْيِيْزَ.

فَإِنْ كَانَتْ نَاسِيَةً للوَقْتِ ذَاكِرَةً لِلْعَدَدِ، فَقَالَتْ: حَيْضِي خَمْسٌ مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، لا أَعْلَمُ عَيْنَهَا، قلنا: اجْلِسِي مِنْهُ خَمْساً بِالتَّحَرِّي في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَفِي الآخِر تَجْلِسُ الْخَمْسَ الأُوَلَ مِنْهُ (٣). فإنْ قَالَتْ: حَيْضِي مِنْهُ عَشْرَةٌ، لا أَعْلَمُ عَيْنَهَا، قلنا: الْخَمْسَةُ الأَوَاسِطُ (٤) حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَبَقِيَّةُ الشَّهْرِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، والنِّصْفِ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِيْنٍ.

فَإِنْ قَالَتْ: حَيْضِي مِنْهُ أَحَدَ عَشَرَ يوماً، قلنا لَهَا (٥): سَبْعَةُ أيَّامٍ حَيْضٌ بِيَقِيْنٍ، وَهِيَ: مِنَ الْخَامِسِ إلى الْحَادِي عَشَرَ. وكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ عَلَى ربع الشَّهْرِ، أَضْعَفْنَاهُ، وَجَعَلْنَاهُ حَيْضاً بِيَقِيْن، والبَاقِي مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا كُلُّ زَمَانٍ لا يَصْلُحُ لِغَيْرِ الْحَيْضِ، فَهُوَ حَيْضٌ. وَكُلُّ زَمَانٍ لا يَصْلُحُ لِغَيْرِ الطُّهْرِ، فَهُوَ طُهْرٌ. وَكُلُّ زَمَانٍ يَصْلُحُ لَهُمَا، فَإِنَّهَا تَجْلِسُ مِنْهُ قَدْرَ عَادَتِهَا بالتحري عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا: تَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِهِ قَدْرَ عَادَتِهَا.

وَإِنْ كَانَتْ ذَاكِرَةً لِلْوَقْتِ نَاسِيَةً لِلْعَدَدِ فَلابُدَّ أنْ تَذْكُرَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ، وتَنْسَى الآخَرَ، فَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ أوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ حَائِضاً، ولا أَعْلَمُ آخِرَهُ، فَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ طُهْرٌ بِيَقِيْنٍ، واليَوْمُ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ حَيَضٌ بِيَقِيْنٍ، وَتَمَامُ النِّصْفِ الأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ فَحُكْمُهَا فِيهِ حُكْم الْمُتَحَيِّرَةِ؛ تَجْتَهِدُ فَتَجْلِسُ مِنْهُ غَالِبَ الْحَيْضِ أَوْ أَقَلُّهُ عَلَى اخْتِلافِ الرِّوَايَتَيْنِ (٦)، فَيَكُونُ ذَلِكَ حَيْضاً مَشْكُوكاً فِيهِ، وَبَقِيَّةُ النِّصْفِ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَتْ: كُنْتُ آخِرَ يَومٍ مِنَ الشَّهْرِ حَائِضاً، ولا أَعْلَمُ أَوَّلَهُ، فَمَعْنَى الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ، وإِنْ اخْتَلَفَتْ صُوْرَتُهُمَا.

وَحُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، إذَا جَلَسَتْ مِنْهُ شَيْئاً بِالتَّحَرِّي، أَوْ كَوْنَهُ أوَّلاً عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الوَجْهَيْنِ، حُكْمُ الْحَيْضِ بِيَقِيْنٍ في تَرْكِ العِبَادَاتِ (٧). وَكَذَلِكَ حُكْمُ الطُّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ / ١٥ و / حُكْمُ الطُّهْرِ بِيَقِيْنٍ في فِعْلِ العِبَادَاتِ.

وَمَتَى رَأَتْ يَوْماً طُهْراً، وَيَوْماً دَماً، وَلَمْ تُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَإِنَّهَا تَضُمُّ الدَّمَ إلى الدَّمِ


(١) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ١٢/ب.
(٢) هُوَ: أبو يعلى الفراء. وَلَمْ نعثر عَلَى قوله في كتابه " الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ".
(٣) انظر: المغني ١/ ٣٤٠.
(٤) في المخطوط: ((الأوسط)).
(٥) في المخطوط: ((لَكَ)).
(٦) رِوَايَة أقل الحيض رواها حَنْبَل، وغالب الحيض رواها مُحَمَّد بن الحكم وعبد الله، الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ١٢/ ب.
(٧) انظر: المغني ١/ ٣٤١.

<<  <   >  >>