للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرضِ، ثمَّ خَفِيَ خبَرُهُ، فإنهُ يُنتَظَرُ تَمامَ تِسعِينَ سَنَةً مِنْ يَومِ ولِدَ في أشْهَرِ الرِّوايَتينِ (١)، والأخْرى قَالَ: يُنتَظَرُ بِهِ أبَدَاً، فَلمْ يُقَدِّرِ المدَّةَ وجعَلَ ذلكَ إلى اجتِهادِ الحاكِمِ رَواها عَنهُ جَعفرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النسائيُّ (٢)، وإنْ كانَ غَالِبُ سَفرِهِ الهلاكَ مِثلَ: أنْ يَركبَ في البَحرِ فتَغرَقَ السفِينَةُ، ويَسلَمَ قومٌ ويَهلكَ قَومٌ، أو يَكونَ مُجاهِداً فيُقتلَ قومٌ ويُسلِمَ قومٌ آخرونَ وما أشبَهَ ذلكَ، فإنَّ الأثرمَ نَقلَ عنهُ إذا أمَرْتَ امرأتَهُ أنْ تتَزوجَ قَسَمتْ مالَهُ ... [بينَ] (٣) وَرَثَتِهِ (٤)، وقدِ اختُلِفَ عَنهُ في مِقدارِ تلكَ المدَّةِ، فَنَقَلَ حَنبلٌ والكوسَجُ تتَرَبَّصُ زَوجَتُهُ أربعَ سِنينَ أكَثَرَ مُدَّةِ الحَملِ وأربعةَ أشْهرٍ وعَشْراً. عِدَّةُ الوفَاةِ (٥)، ثمَّ تَحِلُّ (٦) للأزْواجِ ونَقلَ عَنهُ أبو الحارثِ كُنتُ أقولُ إذا تَربَّصَتْ أربعَ سِنينَ واعتَدَّتْ أربعةَ أشهرٍ وعَشراً تُزَوَّجُ وقدْ ارتَبْتُ فِيها اليَومَ وهَبْتُ الجَوابَ لِما قدِ اختَلفَ النَّاسُ وكَأنِّي أُحِبُ السَّلامةَ (٧)، وظَاهِرُ /٤٨٧ و/ هَذا أنَّها تَبقَى إلى أنْ تَتَيقَّنَ مَوتَهُ، وقدْ ذَكرنَا أنَّهُ إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، أو إلى أنْ تَمضيَ تِسعونَ سَنةً على اخْتِلافِ الرِّوايَتَينِ، فَعَلى هَذا إذا مَاتَ للمَفقُودِ مَنْ يَرِثُهُ في مُدَّةِ غَيْبَتِهِ دُفِعَ إلى كُلِّ وارِثٍ أقَلُّ ما يُصِيبُهُ ووُقِفَ نَصيبُ المفْقُودِ حتى يُعلَمَ حَالُهُ، فإنْ عُلِمَ أنهُ كانَ حَيَّاً يَومَ مَاتَ مُوَرِّثُهُ جُعِلَ للمَفقُودِ نَصِيبُهُ مِمَّا أُوقِفَ، فإنْ بَقيَ شَيءٌ رُدَّ على مَنْ يَستَحِقُهُ مِنْ وَرَثَةِ الميِّتِ، وإنْ بَانَ أنَّهُ كانَ مَيِّتاً يَومَ مَاتَ مُورِّثُهُ أو كَانتِ المدَّةُ قدْ مَضتْ رُدَّ الموقُوفُ على ورَثَةِ الميِّتِ الأولِ دُونَ ورَثَةِ المفْقودِ، وطريْقُ عَمَلِ ذلكَ أنْ تُصَحَّحَ المسألَةُ على أنَّ المفقُودَ حَيٌّ، ثمَّ تُصحِّحَها على أنهُ ميِّتٌ، ثمَّ تَنظُرَ ما صَحَّتْ مِنهُ المسألتَانِ، فإنَّهُ لا يَخلُو مِنْ أربَعةِ أحْوالٍ: إمَّا (٨) أنْ تَكونَ المسْألتانِ مُتَماثِلتَينِ فَتَجزيَ إحْدَاهُما عَنِ الأُخْرى ويُجْعَلَ لِكُلِّ وارِثٍ أقَلُّ مَا يُتَيَقَنُ أنهُ يَرِثُهُ وتُوقِفُ الباقِي. أو تَكوَن المسألتانِ مُتَناسِبتَينِ فَتَجزي بأكْثَرهِما سِهامَاً عَنِ الأخْرَى، وتَجعَلَ لِكلِّ وارِثٍ اليَقِينَ، وتُوقِفُ البَاقي.


(١) انظر: المغني ٧/ ٢٠٧، والمحرر ١/ ٤٠٦، والإنصاف ٧/ ٣٣٥.
(٢) انظر: المغني ٧/ ٢٠٧، والمحرر ١/ ٤٠٦، والإنصاف ٧/ ٣٣٥.
(٣) زيادة منا ليستقيم بها المعنى كما جاء في الروايتين والوجهين ١٥٤/أ.
(٤) انظر: الروايتين والوجهين ١٥٤/أ.
(٥) وكذلك ابن منصور. انظر: الروايتين والوجهين ١٥٣/ب. وهي اختيار أبي بكر. المغني ٧/ ٢٠٦، وانظر: مسائل أبي داود: ٢٢٠، والإنصاف ٧/ ٣٣٦.
(٦) في الأصل: ((تجعل)) والصواب ما أثبتناه. انظر: المغني ٧/ ٢٠٦.
(٧) انظر: الروايتين والوجهين ١٥٣/أ، والمبدع ٨/ ١٢٨، والإنصاف ٧/ ٣١٦.
(٨) وردت في الأصل ((ما)) وأثبتناها ((إما)) ليستقيم الكلام.

<<  <   >  >>