للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْذَنَ، أو يَتَأَخَّرَ لِعُذْرٍ (١). وإذَا صَلَّى في المَسْجِدِ ثُمَّ حَضَرَ إِمَامُ الحَيِّ اسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الجَمَاعَةِ مَعَهُ إلاَّ المَغْرِبَ، وعَنْهُ (٢): أنَّهُ يُعِيْدُهَا أَيْضاً، ويُشْفِعُهَا بِرَابِعَةٍ.

ومَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِداً، ثُمَّ نَوَى مُتَابَعَةَ الإمَامِ؛ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: أنَّهُ يُكْرَهُ ويُجْزِئُهُ، ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ أتَمَّ أو أَقَلَّ أو أكْثَرَ. فَإِنْ نَوَى الإِمَامَةَ لَمْ تَصِحَّ. وَقِيْلَ: يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالَّتِي قَبْلَهَا. وَقِيْلَ: يَصِحُّ في النَّفْلِ، ولاَ يَصِحُّ في الفَرْضِ. فَإِنْ أحْرَمَ مَعَ الإِمَامِ ثُمَّ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنِ الجَمَاعَةِ - يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ لِعُذْرٍ - فَأَتَمَّ مُنْفَرِداً جَازَ. وإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ القَوْلَيْنِ. ومَنْ كَبَّرَ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ الإمَامُ فَقَدْ أدْرَكَ الجَمَاعَةَ، وَهُوَ عَلَى تَكْبِيْرَتِهِ (٣) ومَنْ أَدْرَكَهُ في الرُّكُوعِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، وعَلَيْهِ تَكْبِيْرَتَانِ للافْتِتَاحِ والرُّكُوعِ، فَإِنْ كَبَّرَ وَاحِدَةً ونَوَاهُمَا لَمْ يُجْزِهِ، وعَنْهُ أنَّهُ يُجْزِيْهِ (٤).

وَمَا أَدْرَكَ المَأْمُومُ مَعَ الإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلاَتِهِ، ومَا يَقْضِيْهِ فَهُوَ أَوَّلُهَا، يَأْتِي فِيْهِ بالافْتِتَاحِ والتَّعَوُّذِ وقِرَاءةِ السُّوْرَةِ. ولاَ تَجِبُ القِرَاءةُ عَلَى المَأْمُومِ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يَقْرَأَ بالحَمْدِ وسُوْرَةٍ في سَكَتَاتِ الإمَامِ، وفِيْمَا لاَ يُجْهَرُ فِيْهِ، ويُكْرَهُ أنْ يَقْرَأَ فِيْمَا جَهَرَ فِيْهِ الإمَامُ، إِذَا كَانَ يَسْمَعُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ لاَ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ لَمْ يُكْرَهْ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللهُ - فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، والآخَرُ: يُسْتَحَبُّ (٥).

وَهَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ المأْمُومُ، ويَسْتَعِيْذَ فِيْمَا يَجْهَرُ فِيْهِ الإِمَامُ أو يُكْرَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٦).


(١) وذلك لأن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - لَمْ يتقدم أحد منهم للإمامة في مرض النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أذن لأبي بكر بقوله:
((مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس)). والحديث أخرجه أحمد ٦/ ٩٦ و١٥٩ و٢٠٦ و٢٣١ و٢٧٠، والبخاري ١/ ١٧٣ (٦٧٩) و١٧٤ (٦٨٢) ٤/ ١٨٢ (٣٣٨٥)، ومسلم ٢/ ٢٢ (٤١٨) (٩٥)، وابن ماجه (١٢٣٣)، والترمذي (٣٦٧٢)، وأبو عوانة ٢/ ١١٧، وأبو يعلى (٤٤٧٨)، وابن حبان (٦٦٠١)، والبيهقي ٢/ ٢٥٠ و ٣/ ٨٢.
(٢) هكذا رَوَاهُ عنه أبو طَالِب. انظر: الروايتين والوجهين (٢٧ / أ).
(٣) لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ: ((مَنْ أدرك من الصَّلاَة رَكْعَة فَقَدْ أدرك الصَّلاَة)). والحديث صَحِيْح أخرجه أحمد ٢/ ٢٤١ و٢٧٠ و٣٧٥، والدارمي (١٢٢٣) و (١٢٢٤)، والبخاري ١/ ١٥١ (٥٨٠)، وفي القراءة خلف الإمام، لَهُ (٢٠٥) و (٢٠٦) و (٢١٠) و (٢١١) و (٢١٢) و (٢١٣)، ومسلم ٢/ ١٠٢ (٦٠٧) (١٦١)، وأبو داود (١١٢١)، وابن ماجه (١١٢٢)، والترمذي (٥٢٤). وَقَالَ ابن قدامة في المغني ٢/ ٩ بَعْدَ ذكر الحديث: ((ولأنه لَمْ يفته من الأركان إلا القيام)).
(٤) وذلك في رِوَايَة أبي داود وصالح كَمَا قال صاحب الشرح الكبير ٢/ ٩، وَقَالَ صاحب المقنع: ٣٦:
((وأجزأته تكبيرة واحدة، والأفضل اثنان)).
(٥) انظر: المقنع: ٣٦، والشرح الكبير ٢/ ١٢.
(٦) انظر: المقنع: ٣٦، والشرح الكبير ٢/ ١٢، ومسائل عَبْد الله ٢/ ٣٥٢ (٤٩٩).

<<  <   >  >>