للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وأَنْ يَنْوِيَ الجَمْعَ عِنْدَ الإِحْرَامِ بالأَوَّلَةِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفي الآخَرِ يَجُوْزُ أنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الفَرَاغِ مِنَ الأوَّلَةِ (١).

- وألاَّ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلاَّ بَقَدْرِ الإِقَامَةِ [وَ] (٢) الوُضُوْءِ، فَإِنْ صَلَّى بَيْنَهُمَا سُنَّةَ الصَّلاَةِ بَطَلَ الجَمْعُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وفي الأُخْرَى لاَيَبْطُلُ.

وإِنْ أَرَادَ الجَمْعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الجَمْعِ في وَقْتِ الأَوَّلَةِ إلى أنْ يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ مَا يُصَلِّيْهَا والتَّرْتِيْبُ. وهَلْ يُشْتَرَطُ أن لاَ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: أن لا يُشْتَرَطَ، وَقَالَ أبو بَكْرٍ: لاَ يَفْتقِرُ الجَمْعُ والقَصْرُ إلى أنْ يَنْوِيَهُمَا.

ويَجُوزُ لِلْمُقِيْمِ الجَمْعُ لأَجْلِ المَرَضِ كَمَا يَجُوزُ لأَجْلِ السَّفَرِ. فَأَمَّا الجَمْعُ لأَجْلِ المَطَرِ فَيَجُوْزُ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ، ولاَ يَجُوْزُ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ (٣) في قَوْلِ أبي بَكْرٍ وابْنِ حَامِدٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا أبو يَعْلَى: يَجُوْزُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ عِنْدِي (٤).

فَإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الأَوَّلَةِ اعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ المَطَرُ مَوْجُوْداً عِنْدَ افْتِتَاحِ الأَوَّلَةِ، وعِنْدَ الفَرَاغِ مِنْهَا وافْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ، وإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ جَازَ (٥) سَوَاءٌ كَانَ المَطَرُ قَائِماً أو قَدِ انْقَطَعَ. وهَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي في مَوْضِعٍ يُصِيْبُهُ المَطَرُ وكَانَ المَطَرُ مِمَّا /٤٢ ظ/ يَبِلُّ الثِّيَاب، فَأَمَّا إِنْ كَانَ يُصَلِّي في بَيْتِهِ أو في مَسْجِدٍ يَخْرُجُ إِليْهِ تَحْتَ سَابَاطٍ أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أو لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ لَكِنْ وَحْلٌ أو رِيْحٌ شَدِيْدَةٌ بَارِدَةٌ، فَهَلْ يَجُوْزُ الجَمْعُ أمْ لاَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (٦).


(١) القول بالنية مَعَ القصر قول الخرقي، أما عدم النية فهو قول أبي بكر الخلال. انظر: الروايتين والوجهين ٣١/ أ، والمغني ٢/ ١٠٥.
(٢) في النسخة الخطية: ((في))، ولا يستقيم بِهَا السياق، والصواب ما أثبتناه نص عليه في: المحرر ١/ ١٣٥، والمبدع ٢/ ١٢١، ودليل الطالب: ٥١، ومنار السبيل ١/ ١٣٤، والإنصاف ٢/ ٣٤٢.
(٣) نقل صاحب المغني ٢/ ١١٧ عَنْ الأثرم أنه قال: ((قيل لأبي عَبْد الله: الجمع بين الظهر والعصر في المطر، قَالَ: لا ما سمعت)).
(٤) وهو الصواب - إن شاء الله تَعَالَى - للحديث الذي رواه ابن عباس قَالَ: ((جمع رَسُوْل الله بَيْنَ الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غَيْر خوف ولا مطر. فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قَالَ: أراد أن لا يحرج أمته)).
والحديث أخرجه الشافعي ١/ ١١٨ - ١١٩، والطيالسي (٢٦١٤)، وعبد الرزاق (٤٤٣٥)، والحميدي (٤٧١)، وأحمد ١/ ٢٨٣ و٣٤٩ و٣٥٤، ومسلم ٢/ ١٥١ (٧٠٥) (٤٩) و١٥٢ (٧٠٥) (٥٤)، وأبو داود (١٢١٠) و (١٢١١)، والترمذي (١٨٧)، والنسائي ١/ ٢٩٠، وابن خزيمة (٩٧١) و (٩٧٢).
فالحديث فيه جواز الجمع بين الظهر والعصر من غَيْر مطر، فوجود المطر أولى بالجمع، والله أعلم.
وانظر: الشرح الكبير ٢/ ١١٧.
(٥) ورد فِي المحطوط ((جمع)) والصواب هُوَ ((جاز)) انظر: كِتَاب الهادي: ٣٣.
(٦) انظر: المغني ٢/ ١١٨.

<<  <   >  >>