روي عن "أبي بكر" - رضي الله عنه - أنه نهى عن مثل هذه العبارة. وقال لقائل قال له: لا. عافاك الله: قل: عافاك الله لا تزد. لا تقل: لا قبل الدعاء فيصير الدعاء له في صورة نفيه وهو دعاء عليه.
وروي أنه قال له: قل: لا وعافاك الله. وفي كتب المعاني في "الفصل والوصل" ما يؤيده. فإن قلت: إن تقديره "لا يكون" ونحوه، وهو خبر، و"أيدك الله" في قولهم: لا وأيدك الله جملة دعائية إنشائية، والإنشائية لا يعطف على الخبر مطلقاً، أو في ما لا محل له من الإعراب، ومنه ذلك، فكيف جوزوه واستحسنوه فيما ذكر؟
قلت: إما أن يكون إطلاقهم مقيداً بما لا يكون لدفع الإيهام كما هو ظاهر كلام أهل المعاني، أو يقال: الواو زائدة لدفع الإيهام، أو استئنافية أو اعتراضية، وهم لم يتعرضوا لتفصيله، وقد جاء في الحديث أيضاً أن "هوزة" الحنفي كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يسأله أن يجعل الأمر له من بعده على أن يسلم ويصير إليه لينصره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ولا كرامة، اللهم اكفنيه" فمات بعد قليل. اهـ.
فقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وبه اقتدى "الصديق" - رضي الله عنه-.
واعلم أن المصنف استعمل الانخراط بمعنى النظم، وهو مضهور في كلام المولدين، إلا أني لم أجده في كتب اللغة بهذا المعنى ولا ما يقرب منه، فليحرر. و"السلك" ما ينظم فيه الدرر ونحوها.