ويقولون للمأمور بالبر والشم: بر والدك بكسر الباء وشم يدك بضم الشين، والصواب أن يفتحا جميعا، لأنهما مفتوحان في قولك: يبر ويشم، وعقد هذا الباب أن حركة أول فعل الأمر من جنس حركة ثاني الفعل المضارع إذا كان متحركا، منفتح الباء في قولك: بر أباك لانفتاحها في قولك يبر، وتضح الميم في قولك مد الحبل لانضمامها في قولك: يمد، وتكسر الخاء في قولك خف في العمل لانكسارها في قولك: يخف.
وإنما اعتبر بحركة ثانية دون أوله، لأن أوله زائد والزائد لا اعتبار به. اللهم إلا أن يسكن ثاني الفعل المضارع كالضاد من يضرب والسين من يستخرج فتجتلب همزة الوصل لفعل الأمر المصوغ منه ليمكن افتتاح النطق به كقولك: اضرب، استخرج، وهذا الحكم مطرد في جميع أمثلة الأمر المصوغة من الأفعال المضارعة، وإنما صيغ مثال الأمر من الفعل المضارع دون الماضي لتماثلهما في الدلالة على الزمان المستقبل.
وأما جنس حركة آخر الفعل المضعف من الأمر والجزم كبيت جرير: فغص
(الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا)
فقد جوز كسر الضاد من "غض" لالتقاء الساكنين، وفتحها، لخفة وضمها على إتباع الضمة قبلها، وهو أضعفها.