ويقولون: سارر فلان فلانًا وقاصصه وحاججه وشاققه، فيبرزون التضعيف كما يظهرونه في مصادر هذه الأفعال أيضًا، فيقولون: المساررة والمقاصصة، والمحاججة والمشاققة، ويغلطون في جميع ذلك لأن العرب استعملت الإدغام في هذه الأفعال لاستخفاف اللفظ، واستثقالاً للنطق بالحرفين المتماثلين، ورأيت أن إبراز الإدغام بمنزلة اللفظ المكرر، والحديث المعاد، ثم لم يفرقوا بين ماضي هذه الأفعال ومستقبلها وتصاريف مصادرها فقالوا: سارره يساره مسارة وحاجه يحاجه محاجة.
وقالوا في نوع آخر منه: تصام عن الأمر، أي أرى أنه أصم، وتضام القوم أي انضموا، وتراص المصلون أي تلاصقوا، وعلى هذا حمل مثل هذا الكلام، كما جاء في القرآن:«وحاجه قومه» وورد فيه «لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم
ــ
(ويقولون: سارر فلان فلانًا وقاصصه وحاججه وشاققه، فيبرزون التضعيف كما يبرزونه في مصادر هذه الأفعال) إلى آخر ما ذكره وهو ظاهر.
وفي "الحواشي": مما رويناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليت شعري أيتكن صاحبه الجمل [الأدبب] تخرج - أو قال: تسير - حتى تنبحها كلاب الحوءب" والأدبب هو الأدب.
أقول: إن أراد المصنف الاعتراض بهذا فليس بشيء، فقد قال في "التسهيل": إنما جاز فك الإدغام لموازنة الحوءب ومشاكلته، والمشاكلة تسوغ في الكلمات غير مالها، والأدب بدال مهملة وباء موحدة مشددة - وفكه لما ذكرناه - الجمل الكثير وبر الرأس، ووقع في بعض النسخ الأزب بالزاي المعجمة وهو الكثير الشعر.