ويقولون: دابة لا تردف، ووجه القول: لا ترادف، أي لا تقبل المرادفة، لأن مبنى المفاعلة على الاشتراك في الفعل، فهو بهذا الكلام أليق وبالمعنى المراد أعمق، والعرب تقول: ترادفت الأشياء إذا تتابعت، وأهل المعرفة بالقوافي يسمون الشعر الذي تتوالى الحركة في قافيته المترادف، ويقال: ردفت زيداً أي ركبت خلفه، وأردفته أي أركبته ورائي، وإنما سمي الردف ردفا لمجاورته الردف وهو العجز، ويقال أيضاً: جمل مرادف أي عليه رديف، وقرى في التنزيل {بألف من الملائكة مردفين}[الأنفال: ٩] بكسر الدال وفتحها، فمن كسر أراد به متتالين في العدد، ومن فتحها أراد أنهم أردفوا بغيرهم من المدد.
ــ
(ويقولون: دابة لا تردف، ووجه الكلام: لا ترادف، أي لا تقبل المرادفة، لأن مبني المفاعلة على الاشتراك في الفعل، فهو بهذا الكلام أليق وبالمعنى المراد أعلق).
هذا أيضاً مما أساء فيه؛ لأن ما أنكره أثبته غيره وسمع، ففي شرح "الفصيح": هذه دابة لا تردف ولا ترادف، وأنكر بعضهم تردف، وقد رد عليه بأنه مسموع، وحكاه "ابن القطاع" أيضاً وقال: الأعم ترادف. اهـ.
وفي "القاموس": هذه دابة لا ترادف [ولا تردف قليلة أو مولدة، وقال "الراغب": دابة لا تردف ولا ترادف، وفي "الأساس" مثله] واقتصر في "الصحاح" على ذكر ترادف دون تردف، ثم إن معنى المفاعلة غير موجود؛ لأنهم فسروه بحمل الرديف والردف وهذا المعنى غير مشترك بين الدابة وراكبها، فقوله في تعليل ما ادعاه: لأن مبنى المفاعلة على الاشتراك لا وجه له، فكان عليه أن يحيل على السماع كما سمعته.
والإرداف الإركاب لأحد وراءك، وقال "الزجاج": أردفت الرجل إذا جئت بعده، ومنه {تتبعها الردافة}[النازعات: ٧]، ويقال: ردف وأردف وهما بمعنى عند "ابن الأعرابي" وقوم من أهل اللغة. قال "أبو عبيد": يقال: ردفت الرجل وأردفته إذا ركبت خلفه، وقيل: بينهما فرق، فردفت الرجل بمعنى ركبت خلفه، وأردفته بمعنى أركبته خلفي، وفي كتاب "لحن العوام""للزبيدي" يقولون" أردفته إذا جعلته خلفك راكباً، والصواب ارتدفته أي جعلته