ويقولون: ما شعرت بالخير بضم العين، فيحيلون المعنى فيه، لأن معنى ما شعرت بضم العين: ما صرت شاعرًا، فأما الفعل الذي بمعنى علمت فهو شعرت بفتح العين، ومنه قولهم: ليت شعري أي ليت علمي. وعند "الفراء" أن لفظة شعري مصدر مثل علمي، وفي الكلام محذوف ترك إظهاره لكثرة أستعمال هذه اللفظة، وتقدير الكلام: ليت علمي، بلغة خبر فلان.
وقال "ثعلب": بل المصدر من شعرت هو شعرة مثل فطنة فحذفت الهاء منه للإضافة، كما حذفت في قولهم للزوج الأول: هو أبو عذرها والأصل أبو عذرتها، ومثله قوله تعالى: » لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة «لأن الأصل إقامة فحذفت منه الهاء [للإضافة].
ــ
(ويقولون: ما شعرت بالخير بضم العين، فيحيلون فيه لأن معنى ما شعرت ما صرت شاعرًا، فأما الفعل الذي بمعنى علمت فهو شعرت بفتح العين).
هذا أيضًا من تحجير الواسع، فإن ما منعه قد صرح به أهل اللغة، وفي "القاموس" شعر به كنصر وكرم وعلم، فيصح في ماضيه ما أنكره، وقس عليه المضارع، وعلى هذا تتم التورية في قول بعضهم:
(يا شعراء العصر لا تمدحوا ... شخصًا ولو أنكم معسرون)
(فالله رب العرش سبحانه ... يرزقكم من حيث لا تشعرون)
وقال بعضهم يعتذر عن اشتغاله بالشعر: ولعمري ما أنصفني من أساء بي الظن، وقال: كيف رضي مع درجة العلم والفتوى بهذا الفن؟ والصحابة كانوا ينظمون وينثرون، ونعوذ بالله من قوم لا يشعرون.