ويقولون: تفرقت الأهواء والآراء، والاختيار في كلام العرب أن يقال في مثله: افترقت كما جاء في الخبر "تفترق أمتي كذا وكذا فرقة"، أي تختلف.
فأما لفظة التفرق فتستعمل في الأشخاص والأجسام، فإذا قيل: إن لزيد ثلاثة إخوة متفرقين كان المعنى أن كل واحد منهم ببقعة، إن قيل في وصفهم: مفترقين، كان المعنى أن أحدهم لأبيه وأمه والآخر لأبيه والثالث لأمه ...
وكذلك يقال: فرق بتشديد الراء فيما كان من قبيل الجمع، وفرق بالتخفيف فيما يراد به التمييز كقولك: فرق بين الحق والباطل والحالي والعاطل.
ــ
(ويقولون: تفرقت الآراء والأهواء، والاختيار في كلام العرب أن يقال في مثله: افترقت كما جاء في الخبر: "تفترق أمتي كذا وكذا فرقة" أي تختلف).
يعني أنه بين افتعل من هذه المادة كافترق وتفعل كتفرق فرق، لأن الأول يستعمل في المعاني والصفات فيقال: افترق اعتقادهم وإخوة مفترقون أي في النسب، بكونهم من بين الأعيان أو الأخياف أو العلات.
والثاني في الأجسام فيقال: تفرقوا في المقام، كذا فرق بالتشديد يراد به ضد الجمع، وبالتخفيف يراد به ميز.
فإنه أراد به أنه حسن أكثري - كما ينبى عنه (والاختيار) - فلا ينبغي أن ينظم في سلك الأغلاط مع أنه غير مسلم، وإن ادعى لزومه فهو خطأ منه، ومما يدل على ذلك قوله - تعالى - {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} وقوله {ولا تتفرقوا فيه} وقوله {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءتهم البينة} مما هو نص فيه، فإنه تفرق اعتقاد