ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين الترجي والتمني, والفرق بينهما واضح, وهو أن التمني يقع على ما يجوز أن لا يكون, كقولهم: ليت الشباب يعود, والترجي يختص بما يجوز وقوعه, لهذا لا يقال: لعل الشباب يعود, ولأجل افتراقهما في هذا المعنى فرق البصريون من النحويين بينهما في باب الجواب بالفاء, فأجازوا أن تقع الفاء جواباً للتمني في مثل قوله تعالى:{يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً} , ومنعوا أن تقع الفاء جواباً للترجي, وضعفوا قراءة من قرأ:{لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى} بنصب أطلعَ, ورجحوا قراءة من قرأ بالرفع.
ــ
(وأجازوا أن تقع الفاء جواباً للتمني في مثل قوله تعالى: {يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً} , ومنعوا أن تقع جواباً للترجي, وضعفوا قراءة من قرأ {لعلي أبلغ الأسباب - أسباب السموات فأطلع ... } بالنصب). [قال في "المغني": قول "فرعون" لعلي أبلغ ... الخ] إنما قاله جهلاً ومخرفة وإفكا, قال "الزمخشري" وغيره: إنه أشربها معنى ليت, وليت تتعلق بالمستحيل غالباً وبالممكن قليلاً, فقد علم أنه يقام كل منهما مقام الآخر, وإن مثله ورد في النظم الجيد, وأثبته الثقات, فلا عبرة بما قاله المصنف.