ويقولون: جلست في فيء الشجرة. والصواب أن يقال في ظل الشجرة كما جاء في الأثر مما أخبرنا به (أبو الحسين محمد بن علي السيرافي) الحافظ فيما قرأته عليه حدثنا القاضي (أبو محمد على بن أحمد بن بشر) قال: حدثنا (محمد بن يوسف البيع) قال [حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر الثقفي] قال حدثنا (سعيد بن عامر الضبعي) قال حدثنا (محمد بن عمرو) عن (أبي سلمة) عن (أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرؤا إن شئتم {وظل ممدود} ". والعلة فيما ذكرنا أن الفئ سمي بذلك لأن فاء عند زوال الشمس من جانب إلي جانب، أي رجع، ومعنى
ــ
(ويقولون: جلست في فئ الشجرة، الصواب أن يقال: في ظل الشجرة).
الفرق بين الظل والفئ، وإن ذهب إليه بعض اللغويين، فهما يستعملان بمعنى. إما لترادفهما كما هو مذهب في اللغة، أو على التوسع والتسمح، ولهذا قال في (الحواشي): إن الفئ- وإن كان على ما ذكره المصنف- لا يمتنع أن يقع موقع الظل حيث كان ظلاً يستظل به، فيقال: فعدت في فئ الشجرة أي ظلها، وعليه قول (الجعدي) في أهل الجنة:
(فسلام الإله يغدو عليهم ... وفيوء الفردوس ذات الظلال)
فأوقع الفئ موقع الظل، وإن كان الفئ أخص منه. ألا ترى أن الجنة لا شمس فيها حتى يكون فيها فئ؟