ويقولون: رجل دنيائي. بهمزة قبل ياء النسب فيلحنون فيه، لأن المسموع عن العرب في النسب إلى دنيا دنيي ودنيوي، وفيهم من شبه ألفها بألف بيضاء لكونهما علامتي تأنيث فقال دنياوي كما قيل في بيضاء بيضاوي، فأما إلحاق الهمزة بها فلا وجه له لأنه اسم مقصور غير مصروف، والهمزة إنما ألحقت بالمنسوب إلى الممدود المنصرف كما يقال في النسب إلى سماء وحرباء: سمائي وحربائي على أنه قد يجوز فيهما سماوي وحرباوي. ومن أوهامهم في لفظة دنيا أيضاً تنوينهم إياها فيقولون: هذه دنيا متعبة وهو من مشاين الوهم ومقابح اللحن، لأن دنيا وما هو على وزنها مما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، لا يدخله التنوين بوجه، وإنما لم ينصرف ما أنث بالألف في معرفة ولا نكرة، وانصرف مما أنث بالهاء في النكرة وكلتاهما علامة للتأنيث لأن التأنيث بالألف أقوى من التأنيث بالهاء بدليل أن الكلمة المؤنثة بالألف نحو حبلى
ــ
(ومن أوهامهم في لفظ دنيا أيضا تنوينهم إياها، فيقولون: هذه دنيا متعبة) أي بتنوين دنيا، ولذا أتي بها موصوفة بقوله متعبة ليظهر التنوين، فلا يذهب في حالة الوقف، والدنيا نقيض الآخرة، وقد ذكر أهل اللغة أن العرب قد تنونها فجعله وهماً وهم منه، والذي غره أن آخره ألف تأنيث فلا يتأتى صرفه بوجه من الوجوه، وسيأتي توجيهه. وقد روي منوناً في «البخاري»، فقال بعض شراحه: إنه غلط من الرواة، ورده بعضهم بأن «ابن الأعرابي» حكاه عن العرب سماعاً.