ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً؟ وبكم ثوبك مصبوغ؟ وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو أنك إذا نصبت مصبوغاً كان انتصابه على الحال والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ، وإن رفعت مصبوغاً رفعته على أنه خبر المبتدأ الذي هو ثوبك، وكان السؤال واقعاً عن أجره الصبغ لا عن من ثمن الثوب.
لأن السؤال في الأول عن ثمن الثوب المصبوغ، وفي الثاني السؤال عن ثمن الصبغ نفسه، لأنه في النصب حال من الثوب، فكان صفة له معنى. وفي الثاني مصبوغ بالرفع خبر ثوبك، وبكم متعلق بالخبر، وهذا هو المتبادر منه.
قال «المبرد» في كتابه «المقتضب»: تقول: بكم ثوبك مصبوغ؟ لأن التقدير بكم فلساً ثوبك مصبوغ؟ أو بكم درهماً؟ كما تقول: علم كم جذعاً بيتك مبني، إذا جعلت «على كم» ظرفا لمبني ورفعت البيت بالابتداء وجعلت المبني خبراً عنه وجعلت على كم ظرفاً للمبني فهذا على قول من قال: في الدار زيد قائم. ومن قال: في الدار زيد قائماً، فجعل «في الدار» خبراً قال: على كم جذعاً بيتك مبنياً، إذا نصب مبنياً جعل على كم ظرفاً للبيت، لأنه لو قال لك على هذا المذهب: على كم جذعاً بيتك؟ لاكتفى بالكلام كما أنه لو قال: في الدار زيد لاكتفى به اهـ.