ويقولون: حلا الشيء في صدري وبعيني، فيخطئون فيه، لأن العرب تقول: حلا في فمي وحلا في عيني، وليس الثاني من نوع الأول، بل هو من الحلي الملبوس فكان المعنى حسن في عيني كحسن الحلي الملبوس فهو من ذوات الياء، والأول من ذوات الواو، إلا أن المصدر منهما جميعاً الحلاوة، والاسم منهما حلو، ولا يجوز أن يقال: حالٍ؛ لأن الحالي هو الذي عليه الحلي وهو ضد العاطل.
ــ
(ويقولون: حلا لي الشيء في صدري وبعيني فيخطئون فيه؛ لأن العرب تقول: حلا في فمي وحلى في عيني، وليس الثاني من نوع الأول، بل من الحلى الملبوس فكأن المعنى حسن في عيني كحسن الحلى).
إلى آخر ما فصله، وحاصله أنهم لا يفرقون بين حلا في فمي وحلا في صدري وبعيني في اللفظ، مع أن الأول كدعا يدعو، والثاني كرضي يرضى فلفظهما مختلف كأصل اشتقاقهما؛ لأن الأولى واوي والثاني يائي، وفي "المحكم": حلى بفمي وعيني يحلى وحلا يحلو حلاوة وحلواناً، وفصل بينهما بعضهم فقال: حلا الشيء في فمي وحلا بعيني، إلا أنهم قالوا: هو حلو في المعنيين، وقال قوم من أهل اللغة، ليس حلى من حلا في شيء، وهذه لغة على حدتها كأنها مشتقة من الحلى الملبوس لأنه حسن في عينيك لحسن الحلى، وليس بقوي ولا مرضي. اهـ.
وإذا عرفت هذا ففي كلامه أمور:
الأول: أن التفرقة بينهما رواية "الأصمعي"، ومن الناس من سوى بينهما، وجعلهما كدعا يدعو، كما في "الصحاح" وغيره.
الثاني: قوله: أن الثاني يأبى الأول ليس بمسلم لثبوت خلافه؛ قال "ابن بري": حلا في فمي وحلى بعيني مأخوذان من الحلاوة، وإنما غير بناؤهما للفرق بينهما، وما ذكره من أنه لا يقال حالي بمعنى حلو مما غفل عنه بعضهم فاستعمله في شعره وبنى عليه التورية "كابن حجة" وأضرابه.