ويقولون: ابتعت عبداً وجارية أخرى فيوهمون، لأن العرب لم تصف بلفظتي آخر وأخرى إلا ما يجانس المذكور قبله، كما قال سبحانه:{أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}، وكما قال تعالى:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر}، فوصف. جل اسمه. مناة بالأخرى لما جانست العزى واللات، ووصف الأيام بالأخر لكونها من جنس الشهر، والأمة ليست من جنس العبد لكونها مؤنثة وهو مذكر، فلم يجز لذلك أن تتصف بلفظة أخرى، كما لا يقال: جاءت هند ورجل آخر، والأصل في ذلك أن آخر من قبيل أفعل الذي تصحبه من، ويجانس المذكور بعده.
يدل على ذلك أنك إذا قلت: قال «الفند الزماني» وقال أخر، كان تقدير الكلام وقال آخر من الشعراء، وإنما حذفت لفظة من لدلالة الكلام عليها وكثرة استعمال آخر في النطق وأما قول الشاعر:
ــ
(ويقولون: ابتعت عبداً وجارية أخرى، فيوهمون فيه لأن العرب لم تصف بلفظتي آخر وأخرى وجمعهما إلا ما يجانس المذكور قبله، كما قال تعالى:{أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}.
هذا ما قاله كثير من النحاة وأهل اللغة، وقال نجم الأثمة «الرضي»: آخر لا يستعمل إلا فيما كان من جنس ما تقدم، فلا يقال: زيد وامرأة أخرى، ولا عبرة بقول بعض النجاة: إنه يجوز أفرس وحمار آخر، لأنهما من جنس المركوب، وقال «أبو حيان»: اختار «الزمخشري» و «ابن عطية» في قوله تعالى: {ويأت بآخرين} أن يكونوا من غير جنس الناس، وهذا خطأ، وكونه من قبيل المجاز، كما قيل: لا يتم به المراد لمخالفته لاستعمال العرب، فإن غير تقع على المغاير في جنس أو وصف، وآخر لا تقع إلا على المغايرة في أبعاض جنس واحد.