ويقولون: امرأة شكورة ولجوجة وصبورة وخئونة، فيلحقون هاء التأني بها فيوهمون فيه، لأن هذه التاء إنما تدخل على فعول إذا كان بمعنى مفعول، كقولك: ناقة ركوبة وشاة حلوبة لأنهما بمعنى مركوبة ومحلوبة، فأما إذا كانت فعول بمعنى فاعل، نحو صبور الذي بمعنى صابر ونظائره فممتنع من التحاق التاء به، وتكون صفة مؤنثة على لفظ مذكورة كما قال الشاعر:
(ولن يمنع النفس الدجوج عن الهوى ... من الناس إلا واحد الفضل كامله)
وقد ذكر النحويون في امتناع الهاء من هذه الصفات عللا أجودها أن الصفات الموضوعة للمبالغة نقلت عن بابها لتدل على معنى الذي تخصصت به، فأسقطت هاء التأنيث في قولهم: امرأة صبور وشكور وقتيل، وفي قولهم: فتاة معطار ونظائره، كما ألحقت بصفة المذكر في قولهم: رجل علامة ونسابة ليدل ما فعلوه على تحقيق المبالغة ويؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة.
وامتناع الهاء من فعول بمعنى فاعل أصل مطرد لم يشذ منه إلا قولهم: عدوة الله، فإنهم ألحقوا بها الهاء فقالوا: عدو وعدوة، ليماثل قولهم: صديق وصديقة، لأن الشيء في العربية قد يحمل على ضده ونقيضه كما يحمل على نظيره ورسيله.
وفي أخبار النحويين أن «أبا عثمان المازني» سئل بحضرة «المتوكل» عن قوله تعالى: {وما كانت أمك بغيا} فقيل له: كيف حذفت الهاء من بغي، وفعيل إذا كان بمعني فاعل لحقته الهاء، نحو فتي وفتية، وغني وغنية؟ فقال: إن لفظة بغي ليست بفعيل، وإنما هي فعول التي بمعنى فاعلة، لأن الأصل فيها بغوي، ومن أصول التصريف أنه متى اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. كما قالوا: شويت اللحم شياً، وكويت الدابة كياً، والأصل فيهما شويا وكويا، وكما قيل: يوم وأيام والأصل: أيرام.
فعلى هذه القضية قيل: بغي، ووجب حذف الهاء منها لأنها بمعنى باغية كما تحذف من صبور التي بمعنى صابرة.