ويقولون: فلان يكدف بمعنى يستقل ما أعطي، والصواب فيه: يجدف بالجيم، لأن التجديف في اللغة استقلال النعمة وسترها، وبه فسر (لا تجدفوا بنعم الله تعالى).
ويماثل هذه اللفظة في إبدال جيمها كافًا قولهم لمن يكثر السؤال: مكد وأصله مجد لاشتقاقه من الاجتداء، وكان الأصل في المجدي المجتدي فأدغمت التاء في الدال، ثم ألقيت حركة الحرف المدغم على ما قبله كما فعل ذلك من قرأ {أمن لا يهدي إلا أن يهدي} والأصل فيه يهتدي.
ــ
(قولهم لمن يكثر السؤال: مكد وأصله مجد لاشتقاقه من الاجتداء).
قد تبع في هذا "ابن الأنباري" حيث قال في كتابه "الزاهر": كدا يكدي ليست بعربية وإنما يقال: جدا يجدي. قال الشاعر:
(يا ظالمًا متعدي ... من المجدي يجدي)
فيقال: مجد ولا يقال: مكد. اهـ.
وقال "المعري": إن لغة قوم من العرب إبدال كل جيم كافًا إلا أنها غير فصيحة، ولذا قيل: ما ذكر على هذه اللغة وليس بخطأ كما زعمه "الحريري"، ولذا استعمله "الزمخشري" ونقل عنه: أن المكدي هو السائل ووقع في كلامهم كثيرًا، وهذا مما لا حاجة إليه؛ فإن الإمام "الراغب" قال في "مفرداته": الكدية صلابة في الأرض، يقال: حفر فأكدي، فاستعير ذلك للطالب المخفق والمعطي المقل، قال تعالى:{وأعطى قليلًا وأكدي}. اهـ.